لم يكن العام المنقضي 2019 عاماً روتينياً في عمل الصاغة، بل كان حافلاً بمحطات عدة وعقد عديدة ما جعل منه عام المد والجزر في عملهم لم يكن كله سعيداً او بهيجاً، حيث لم يخل من المنغصات، كما كان حافلاً بالنشاطات والإنجازات، أما بالنسبة للأسعار خلال 2019 فقد كان السعر الرسمي الأعلى الصادر عن النقابة 37 ألف ليرة في حين كان السعر الاعلى غير الرسمي والذي لم يستمر أكثر من نصف يوم تقريباً 39500 ليرة عقابيل الحرب الاقتصادية.
ولعل من ابرز ما مرت به نقابة الصاغة خلال العام 2019 كان التذبذب الحاصل في سعر غرام الذهب الذي تنازعه عاملين اثنين اولهما سعر صرف الدولار في السوق الموازية، وثانيهما سعر الاونصة الذهبية في تداولات البورصات العالمية، ففي الأسبوعين اللذين شهدا جنون سعر صرف الدولار نتيجة بلوغ الحملة على الليرة السورية ذروتها من المتآمرين على سورية في اطار المرحلة الرابعة من الحرب على البلاد (وهي الحرب الاقتصادية) حيث ارتفع سعر غرام الذهب بشكل جنوني اوصله لمرحلة قارب فيها 40 الف ليرة في السوق في حين كانت التسعيرة لدى النقابة نحو 33 الف ليرة، ما أفرز هجمة على شراء الذهب وتحديداً ذهب الادخار لبيعه لاحقاً بعد ارتفاع سعره المأمول فتكون النتيجة جني الأرباح.
جني الأرباح
أما هجمة الشراء فقد كانت خلال الفترة التي سعّرت فيها النقابة الغرام بمقدار 33 ألف ليرة في حين انه كان في السوق بسعر 39500 ليرة لجهة ان بعض الصاغة قدروا الذهب على أساس سعر صرف 980 ليرة سورية للدولار بفارق لا يقل عن 6 آلاف ليرة وبمتابعة النقابة للسوق ومنع البيع على اساس 39 الف ليرة للغرام رفضت المحال بيع الذهب، بل ان بعضهم ذهب الى افراغ واجهته، وهو امر برره الصاغة بأن الصائغ ولدى بيعه اي قطعة يشتري مقدار وزنها ذهباً خاماً في الدقيقة ذاتها حتى لا يتعرض لتقلبات السعر وعليه لم يتمكن الصاغة من تحقيق هذه المعادلة اذ كيف يبيعون على اساس سعر 33 ألف ليرة للغرام ويشترون الخام على اساس سعر 39 ألف ليرة وفقاً للسعر الرائج..!! فكانت النتيجة خسارة المواطن لفرصة تحقيق الربح من القطع التي يزمع شراءها.
الإنفاق الاستهلاكي
أما ثاني المحطات التي مر بها عمل الصاغة خلال العام 2019 فهو الاتفاق مع وزارة المالية على ضريبة الانفاق الاستهلاكي وهو ملف ذو شجون لديهم، حيث كانت بداية الاتفاق ان يسري من 1/7/2018 وحتى 31/6/2019 بحيث تدفع نقابة الصاغة بموجبه 150 مليون ليرة شهرياً (لدمشق وحلب) أي تدفع مبلغ يصل الى 1,8 مليار ليرة سنوياً، وبعد انقضاء هذا الاتفاق وتبدل أحوال الصاغة نتيجة تذبذب الاسعار تم التوصل الى اتفاق جديد بعد ان تدخلت رئاسة مجلس الوزراء ووضعت حلاً منطقياً وسطاً يرضي الطرفين، حيث اجتمعت نقابة الصاغة يومها مع اللجنة الاقتصادية، وبعد نقاشات تم الاتفاق على تسديد 100 مليون ليرة سورية شهرياً، ولمدة 6 أشهر تدفعه النقابة عبر فروعها الثلاثة بعد ان تم احتساب بداية الاتفاق من مطلع تموز 2019 ولغاية 31 كانون الأول 2019، بحيث تتحمل النقابة المركزية في دمشق منه 55.5 مليون ليرة، في حين يكون نصيب نقابة حلب 41 مليون ليرة، والنقابة في حماة تدفع 3.5 ملايين ليرة، فكان ان تم استلام أقلام الدمغة، وبدء العمل بها صباح السبت الاول بعد الاتفاق في مكتب الدمغة بالنقابات الثلاث دمشق وحلب وحماة، بعد توقف استمر لنحو 80 يوماً متواصلة.
تراجع المبيعات
وكانت نقابة الصاغة قبلها قد أكدت تراجع مبيعات الذهب 90% بسبب ارتفاع سعره، ما دفعها إلى مطالبة المالية بخفض ضريبة الإنفاق الاستهلاكي من 150 مليون شهرياً إلى 100 مليون ليرة كل شهر، لكن الأخيرة رفضت وحجزت أقلام الدمغة، وقد كان الاتفاق بين جمعيات الصاغة الثلاث (دمشق وحلب وحماة) في عام 2018، حول ضريبة رسم الإنفاق الاستهلاكي، يقتضي دفع مبلغ مقطوع شهرياً قدره 150 مليون ليرة، أي 1.8 مليار ليرة سنوياً، على أن يستمر مدة عام، وانتهى بنهاية حزيران 2019 ومع انتهاء الاتفاق، بدأت المالية تطبيق رسم الإنفاق الاستهلاكي بنسبة 5% من قيمة غرام الذهب المدموغ، أي قرابة 1500 ليرة على كل غرام بحسب سعره حالياً، بدل المبلغ المقطوع السابق المتفق على تقاضيه شهرياً، إلا أن إيراداتها كانت صفر، لامتناع الصاغة عن الدمغ.
مصير مجهول
وبانتهاء الاتفاق تكون نقابة الصاغة قد دفعت مبلغ 600 مليون ليرة كون الاتفاق ساري المفعول لمدة 6 اشهر فقط في حين تم تكليف النقابة بضريبة أشهر تموز وآب وأيلول على الرغم من ان النقابة كانت مغلقة خلالها، وما زالت المفاوضات وتقديم الحجج والدفوع قائمة إلى الان دون التوصل لنتيجة وهو امر سيفرز -من بقي على حاله- توقف العمل بالدمغة مع بداية العام الجديد لكون الضريبة لم تُحدد بعد.
عقوبات وغرامات للمخالفين
وضمن ذات السياق فقد عملت نقابة الصاغة خلال 2019 على تطبيق العقوبات والغرامات المالية والمخالفات التموينية بحق مجموعة من المخالفين في عملهم لجهة التلاعب بالعيارات والوزن ودرجات نقاء الذهب وضمن كل الاسواق ان كان بشكل منفرد او بمساعدة مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك والعناصر الشرطية من الامن الجنائي او الشرطة، ناهيك عما قامت به من ضبط لأقلام دمغة مزورة وباعة الذهب الذين يبيعون الذهب تحت عنوان التوفير على المواطن من عبء ضريبة الانفاق الاستهلاكي المستحقة على الدمغة، بالتوازي مع تنظيم عمل الباعة الجوالة القادمين من المحافظات للبيع في دمشق، وكذلك الآلات الليزرية التي لا تعترف النقابة او اي جهة اخرى في سورية بنتائج تحليلها للذهب والتي ضبطتها النقابة ومنعت التعامل بها بتعاميم مختلفة شملت هذه الناحية وكل ما سبق ايضاً.
مدرسة تعليم الصياغة
نقابة الصاغة وخلال العام 2019 انجزت خطوة جبارة على صعيد ترتيب البيت الداخلي للمهنة من خلال التحضير لإطــلاق أول مدرســـة مهنيـة للصيـاغــة في ســـوريـة، في إطار عمل النقابة على تأطير مهنة الصياغة وإعادة بنائها على أسس علمية وتعليمية، حيث باشرت وبالتعاون مع بعض الجهات ذات الصلة ولا سيما الاتحاد العام للحرفيين على التحضير لإنشاء مدرسة لتعليم أصول وأسس صياغة الذهب والتعامل مع المعادن النفيسة والمجوهرات، مقررة أن يكون التعليم في المدرسة المقبلة لمهنة الصياغة من سكب الذهب وصياغته على شكل حلي ومصوغات، بحيث يكون المتعلم فيها قادراً بعد التخرج على صياغة الذهب بكل أشكاله، دون ان تكون هذه المدرسة لمن يعملون في بيع الذهب والمتاجرة به كون تلك العملية لا صلة لها بصياغة الذهب وإنما سيكون باستطاعة من يتعلم في المدرسة هذه (بعد إنشائها) أن يفتتح ورشته الخاصة بكل ثقة، حيث سيتم تضمين التعليم فيها القواعد الأساسية التي وضعت لها من تعليم مستمر ومكثف لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر على أيدي (معلّمي)المهنة ومخضرميها، وكل من يرغب بالانتساب للنقابة بعد افتتاح المدرسة سيكون عليه الالتحاق بدورة لمدة 3 أشهر فيها حتى يستدرك ما فاته من تعليم وخبرة في حال كان يمتلك الأرضية لهذه المهنة أو تعلم أساسياتها ومبادئها في حال كان غير عالم بأصولها.
ترخيص مزاولة المهنة
كما دشنت النقابة خلال 2019 مرحلة جديدة من تنظيم البيت الداخلي للصاغة باشرتها النقابة حتى تتمكن من حصر كل العاملين في هذه المهنة من باعة وصاغة مهنيين، حيث بات على الجميع حيازة ترخيص مزاولة المهنة من النقابة حتى يتمكن من العمل وفق القانون والانظمة الخاصة بالنقابة، لتكون هذه هي الخطوة الاهم في ترتيب امور الصاغة بعد قرار النقابة بإحداث اول مدرسة في تاريخ المهنة لتعليم أساسيات الصياغة وأدبياته، حيث اعتبرت النقابة أن ترخيص مزاولة المهنة بات أمراً واقعاً بعد أن وافقت الجهات الوصائية على مقترح النقابة بهذا الشأن وأقرته وبذلك بات يلزم كل صائغ مهني منتسب للنقابة كان ام غير منتسب بالحصول على الترخيص حتى تتمكن النقابة من حصر اعداد العاملين في هذا المجال، محددة موعد اقصى للحصول على هذا الترخيص هو اليوم الأخير من شهر كانون الثاني من العام المقبل 2020، وعليه فكل من لم يحز هذا الترخيص سيكون عرضة للمخالفة وتطبيق العقوبات بحقه.
الثروة القومية للبلاد
النقابة اكدت يومها ان الدافع الأساسي لهذا الترخيص هو الذهب بحد ذاته بالنظر الى ان الذهب في ظل الظروف الحالية لم يعد مهنة عادية بل تجاوز الامر ليكون وعاء ادخارياً بالنسبة للمواطن في حين انه يشكل الثروة القومية للبلاد وبالتالي من الضروري معرفة كل العاملين في هذا المجال وتأطيرهم بالترخيص، حتى تكون المعطيات واضحة امام النقابة وكل الجهات المعنية بالأمر في حال وقوع اي مخالفة، ناهيك عن مسالة التلاعب بالذهب او ما قد يقوم به البعض من غير المرخص لهم بالعمل من محاولات لإخراج الذهب من البلاد وبالتالي تحمل الصاغة هذه السمعة، في حين ان من قام بها لا ينتمي لهم، ليقطع الترخيص الطريق على كل متلاعب ومهرب للذهب.
أسعار الذهب
نقيب الصاغة غسان جزماتي وفي تصريح للثورة حول اسعار الذهب يوم امس قال إن غرام الذهب من عيار 21 قيراطاً قد سجل سعر 37300 ليرة سورية في حين بلغ سعر غرام الذهب من عيار 18 قيراطاً 31971 ليرة سورية، أما الليرة الذهبية السورية فقد بلغ سعرها 310 ألف ليرة لتسجل الاونصة الذهبية السورية سعر 1,350 مليون ليرة، كما بلغ سعر الليرة الذهبية الانكليزية من عيار 22 قيراطاً 325 الف ليرة في حين سجلت الليرة الذهبية الانكليزية من عيار 21 قيراطاً سعر 310 الف ليرة ، اما عالمياً فقد سجلت الاونصة الذهبية في تداولات البورصات العالمية ارتفاعاً بمقدار 15 دولاراً مستقرة لدى الاغلاق على سعر 1525 دولاراً.
دمشق- مازن جلال خيربك
التاريخ: الأربعاء 1- 1 -2020
رقم العدد : 17159