استباحة أميركا لسماء العراق، وعدوانها الوحشي على مقار الحشد الشعبي في محافظة الأنبار، والتعزيزات الحربية التي دفعت بها إلى محيط سفارتها في بغداد، وإعادة تموضعها وانتشارها في مواقع النفط السورية، و»اللهفة» المصطنعة على مرتزقتها وعملائها في منطقة الجزيرة، عبر إرسال المزيد من أدوات الدمار، جميعها عوامل تؤكد تخبطها وترددها ورغبتها بخلط الأوراق مجدداً، لعلها تستطيع «الثأر» لإرهابييها الذين تكبدوا هزائم كبيرة في سورية والعراق، وإنقاذهم من مستنقعات المعارك التي غرقوا بها، غير مدركة أنها لن تكون قادرة على حماية نفسها من جحيم النار الذي تقف أمامه، وتجهل أن ما أقدمت عليه لن يكون الرد عليه فقط بالمظاهر الاحتجاجية.
السياسة الأميركية المضطربة تلك، ومحاولاتها العبثية إنقاذ ماء وجهها المعفر بالخسائر، جاءت بعد تقلبات الميدان والتطورات التي حدثت في شمال سورية الشرقي، وسلسلة الإنجازات والانتصارات المتلاحقة التي خلقتها قواتنا المسلحة في إدلب وريفها مؤخراً، و زلزلت خلالها تجمعات الإرهابيين وتحصيناتهم في عدة قرى ومناطق.
فالمعادلة التي فرضتها سورية وحلفاؤها، وضعت رعاة الإرهاب وأدواته في موقف حرج، وهو ما يدفع تركيا أيضاً لتسريع وتيرة تهريب إرهابييها إلى مناطق صراع أخرى في العالم مقابل إغراءات مالية، بعد أن كان لها الدور الأكبر في تأجيج ذاك الصراع، وهو ما يجعل أميركا تتمادى بدعم أدواتها، لأنه من المعروف عنها أنها عندما تجد نفسها محشورة في الزاوية تترك وكلاءها يواجهون مصائرهم، وتلتحق سريعاً بطاولات التفاوض لتحصيل ما أمكنها من مكاسب ونفوذ واستثمارات.
اليوم ومع بدايات العام الجديد، بات العنوان العريض والأساسي المقروء في المرحلة الراهنة، أن سورية وكل الدول التي تحارب الإرهاب ستخرج منتصرة، بعد أن وصل أعداؤهم وعلى رأسهم أميركا لأعلى درجات التخبط والهذيان، بعد الخسائر السياسية والعسكرية التي تضربهم من كل جانب، و أخفق ما يسمى مشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي خططوا له منذ عقود، وكان سفراء الغرب الاستعماري أول العرابين له، كما أخفقت مشاريعهم في تسعير نار الفوضى في الأرجاء السورية.
بالمختصر لو كان محور المقاومة ضعيفاً لنالوا من سورية و دوله تباعاً منذ الأسابيع الأولى للحرب الإرهابية، لكن ما حصل أن الأميركي- السعودي- الإسرائيلي- التركي اصطدموا جميعاً بجدار دمشق الصلب، وتكسرت أدواتهم، ويحاولون الآن حفظ ما بقي من ماء وجوههم، وقبعاتهم وجلابيبهم التي تمرغت على التراب السوري ليستخدموها دون جدوى في أماكن أخرى، ولاسيما بعد أن أضحى «ربيعهم» خريفاً وتساقطت أوراقه واحدة تلو الأخرى.
كتب حسين صقر
التاريخ: الجمعة 3- 1 -2020
رقم العدد : 17161