(ادفعوا لنغادر.. وإذا طالبتومونا بالانسحاب انتظروا عقوبات لم تروا مثلها من قبل).. قالها ترامب للعراقيين ليؤكد بلسانه أن وجود قواته الغازية في العراق لم يكن إلا لتحقيق غايات أميركا الاستعمارية وأجنداتها الدموية في المنطقة، قالها ليدين نفسه بنفسه بأن أمن العراقيين واحترام حقوقهم وسيادة بلادهم لم يكن يوماً على باله، قالها ليعري سياسات إدارته البلطجية على الملأ، والتي تبدأ بالابتزاز والمساومة، مروراً بالتهديد والوعيد والعقوبات الجائرة غير الشرعية، ولتصل في نهاية المطاف إلى العدوان والتصفية الجسدية.
هي النقاط وُضعت على الحروف، وما يجري على الأرض تم اختزاله أخيراً، فباستشهاد اللواء قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس ورفاقهما بيد ترامب الغادرة تأكد المؤكد بأنه متزعم الإرهاب الدولي، والمتحكم بجميع خيوطه، وموجهها من البيت الأبيض إلى جهات العالم الأربع، ليس فقط من يجند الإرهابيين الدواعش ويحميهم في سورية والعراق، بل إنه أيضاً من يتدخل على وجه السرعة ليقتل من يحاربهم ومن يعمل على تصفيتهم.
الأميركي سبق وادعى أن وجوده في العراق هو لتدريب القوات العراقية من جهة، ولمحاربة داعش من جهة ثانية، ولكن ما تقوم به قوات الاحتلال الأميركية عملياً وواقعياً مخالف تماماً لذلك، فهذه القوات هي من يقتل العراقيين، ويستنزف نفطهم، ومن يؤمن الغطاء للإرهابيين وهي من ينقلهم بالمروحيات العسكرية الأميركية عند الضرورة، وهي بالمطلق من يستهدف كل القوى على الأرض التي تحارب الإرهاب تحت أي مسمى كان.
ولكننا لا نستغرب ذلك أو نستهجنه، فهذه هي أميركا، وهذه هي حقيقة ديمقراطيتها التي لا تعدو عن كونها سلعة معدة للتصدير والاستثمار، على أن تكون قبلتها الأسواق الإقليمية والعالمية، فيما هي بضاعة بخسة بلا مضمون، وبلا أدنى صلاحية، أو قابلية للتطبيق، فالديمقراطية في عيون الأميركي العوراء، لا تكون ديمقراطية إلا إذا تناغمت مع مشاريعه الفوضوية، وأطربت آذان ربيبه الصهيوني، وملأت جيوبهما وأرصدتهما البنكية.
ولنا هنا أن نسأل ترامب: هل يصور لك خيالك المعتوه حقاً أنه باستهدافك لقامات محور المقاومة فإن الساحات قد باتت لك مفتوحة لتسرح وتصول وتجول فيها مع إرهابييك المأجورين كيفما شئت؟، وبأن إرهابك سيمر دون حساب أو ثمن مؤلم يوجعك في الصميم، كلا وألف كلا، فالسوريون والعراقيون والإيرانيون كلهم سليماني والمهندس، وكل أٌم ستنجب مقاوماً، ومحال أن ينتهي الأبطال، أما نهايتك فقد بدأت عدها العكسي، وما عليك إلا الانتظار.
ريم صالح
التاريخ: الأربعاء 8-1-2020
الرقم: 17163