وقتما يبلغ السيلً الزبى.. مرّة.. ومرتين.. وثلاثاً.. وعشراً وعشرين، وفي كل مرة ينهش من الأراضي ويجرفها ويُدمّر ما حولها، يصير من الطبيعي اختيار الزمان والمكان الأنسب لإقامة سدّ يكبح جماح هذا السيل الذي لم يعد يهدأ ولا يكتفي بمجراه ..!
ومن مثلِ هذا المنحى تماماً أصدر السيد رئيس الجمهورية يوم أول أمس السبت المرسومين التشريعيّين رقم / 3 / و / 4 / لعام 2020 اللذين منعا التداول بغير الليرة السورية، ونشر المعلومات الكاذبة والملفّقة عن أسعار الصرف التي تنعكس بالسوء على الاقتصاد، وعلى القوة الشرائية للعملة الوطنية، فقد بلغ السيلُ الزبى مراراً وتكراراً واجتاح معه الأسعار، وأضعف قوة الليرة الشرائية، ليخطف بهجة الناس واستقرارهم، ويعتقل عواطفهم التي باتت مرهونة بــ “أين سيقذفها هذا السيل..؟!”.
كل المؤشرات تؤكد أنّ ارتفاع سعر صرف الدولار بهذا الشكل الجنوني الشاذ، والذي يًقابله انخفاض بالقدرة الشرائية لليرة السورية وبشكلٍ شاذّ أيضاً.. لا يقبله العقل، ولا يهضمه المنطق، ولا تنسجم تبريراته مع مجريات الأحداث الموضوعية، لأنه ليس ناجماً إلاّ عن ألاعيب قذرة تستهدف الأمن الاقتصادي لهذا البلد، ومحاولة ضرب استقراره، والتخفيف من أهمية الأشواط التي يقطعها باتجاه عودة عجلة اقتصاده للدوران بمختلف الأبعاد الصناعية والزراعية والتجارية والخدمية، حيث عادت مئات آلاف المصانع والورش إلى العمل والإنتاج، وعشرات آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية لتحيا من جديد، كما فُتحت بعض المعابر التي نشّطت الحركة التجارية ولاسيما الصادرات، والعديد من المتغيّرات الإيجابية الأخرى التي تصبّ كلها بالنهاية في تخفيف الاحتياجات المستوردة، وتراجع الطلب عن القطع الأجنبي، وبالتالي حكماً زيادة القوة الشرائية لليرة، ولكن الغريب أنّ ما حصل هو العكس تماماً، ما يعني وبلا ريب أنّ أصابع خفيّة قذرة تلعب في الخفاء، فكان لا بدّ من إصدار المرسومين اللذين سيضعان حدّاً لهذا الشذوذ، وسيبنيان سدّاً في وجه ذلك السيل الهادر، سدٌّ صار لا بدّ منه كي تعود المياه إلى مجاريها وتلتزم حدودها لتبقى ضمن المجرى الصحيح وعلى ضفاف الأمان.
علي محمود جديد
التاريخ: الاثنين 20-1-2020
الرقم: 17172