من أجل أطفالنا… ترسيخ الحوار والمشاركة بالعملية التربوية

 

ربما نحتاج نحن السوريين، أكثر من غيرنا من البلدان الأخرى الاحتفال باليوم الدولي للتعليم، ليس من باب الاحتفاء ،وإنما من أجل حشد الجهود الحكومية والأهلية لعودة التعليم كما كان قبل الحرب على سورية ، ولردم الفجوة التي سببها خروج الكثير من المدارس من الخدمة واستشهاد وهجرة العديد من الكوادر التعليمية، بالإضافة لتعرض الكثير من أطفال سورية لمناهج تناقض سياستنا التعليمية القائمة على نشر قيم وثقافة التسامح.
مهما تحدثنا عن العملية التعليمية خلال السنوات الماضية، إلاّ أنها بقيت مستمرة، واليوم وبعد هدوء الأحوال نسبياً وانتهاء العمليات الحربية في أغلب المناطق، أصبح حصول الأطفال على التعليم أمراً مهماً يحرص الأهالي عليه لتعويض أولادهم ما فاتهم من دراسة في السنوات الماضية، رغم أن بعض الأطفال يلجأ إلى العمل ليلاً، لكنه يذهب إلى المدرسة صباحاً، ومنذ عام 2015، أطلقت وزارة التربية بالتعاون مع منظمة اليونيسيف منهاج الفئة «ب»، الذي يستهدف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8-15 سنة ولم يسبق لهم الالتحاق بالمدرسة أو الأطفال الذين يتم إعادتهم إلى المدارس بعد التسرّب لمدّة عام على الأقل، هذا البرنامج الذي يعوض الأطفال ما فاتهم، معتمدا “على تكثيف منهاج سنة دراسيّة كاملة بفصل دراسي واحد، وذلك باختيار المعلومات الأساسية التي يجب على التلميذ تعلّمها ليتمكّن من متابعة دراسته، ويضم 28 كتاباً ضمن 4 مستويات تعوّض مدة التسرب المدرسي عامين بعام، ويحتوي على المواد الدراسية ذاتها في المدرسة النظامية، لكنها مكثفة ومضغوطة كالرياضيات والعربي والإنكليزي والعلوم.
ما يمكننا قوله إن التعليم ما زال في قلب المشروع الوطني في بلدنا، مهما تحدثنا عن التراجع، أوحصول خلل هنا وآخر هناك، ومهما اختلفت الأحداث والضغوطات السياسية والاقتصادية، ولكن هذا الاهتمام برغم أهميّته يبقى متواضعاً أمام التحدّيات والتحوّلات والشعارات التي نعيشها اليوم والتي تحتّم علينا الوقوف والإقرار بأن السياسات التربوية كلما كانت مبنية على الحوار والمشاركة والمزيد من الانفاق كلما خدمت المصلحة الوطنية العليا.
من بين التحديات التي تواجه التعليم في بلدنا التخلص من آثار الفكر المتطرف الذي نشره تعليم داعش وجبهة النصرة، حيث نتذكَّر أنه وفي سنوات الحرب أن أطفالا سوريين عاشوا في مناطق سيطرة تلك التنظيمات، وحرِموا من التعليم الإلزامي وأن جزءاً آخر وخاصة الذكور منهم تمّ تعليمهم وإعدادهم في أنفاق أو مساجد أو مدارس استولى عليها تنظيم داعش وجبهة النصرة وحوّلَت إلى “مراكز تربية تحرض على التطرف، حيث فرضت التنظيمات الإرهابية مناهج خاصة في “التربية” غايتها تدمير روح وثقافة التسامُح والعيش المشترك التي كانت قيمة أساسية في الفلسفة التربوية في سورية طوال عقود.
تحد آخر لابد من مواجهته وهو أن عدداً كبيراً من الأطفال باتوا يواجهون خطر التحول إلى جيل أمّي أو في أحسن تقدير من غير المتعلمين الذين فقط يعرفون مبادئ القراءة والكتابة، في حين تمكّن نحو 4.9 ملايين طفل واصلوا تعليمهم رغم الحرب والعنف والنزوح.
إن النهوض بالتعليم وتسجيل جميع الأطفال السوريين في المدارس، يتطلب مضاعفة جهود الجميع، وتخصيص ميزانيات، تنفق على سياسات تعليمية تتقبل المشاركة والتجديد.

لينا ديوب
التاريخ: الخميس 30-1-2020
الرقم: 17181

 

 

 

آخر الأخبار
توزيع ألبسة شتوية على مهجري السويداء في جمرين وغصم بدرعا   زيارة مفاجئة واعتذار وزير الصحة..  هل يعيدان رسم مستقبل القطاع؟   5 آلاف سلة غذائية وزّعها "الهلال  الأحمر" في القنيطرة آليات لتسهيل حركة السياحة بين الأردن وسوريا دمج الضباط المنشقين.. كيف تترجم الحكومة خطاب المصالحة إلى سياسات فعلية؟  قمة المناخ بين رمزية الفرات والأمازون.. ريف دمشق من تطوير البنية الصحية إلى تأهيل المدارس   زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن.. تفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي     تحسن ملحوظ في سوق قطع غيار السيارات بعد التحرير  "إكثار البذار " : تأمين بذار قمح عالي الجودة استعداداً للموسم الزراعي  دمشق تعلن انطلاق "العصر السوري الجديد"   من رماد الحرب إلى الأمل الأخضر.. سوريا تعود إلى العالم من بوابة المناخ   الطفل العنيد.. كيف نواجه تحدياته ونخففها؟   الجمال.. من الذوق الطبيعي إلى الهوس الاصطناعي   "الطباخ الصغير" .. لتعزيز جودة الوقت مع الأطفال   المغتربون السوريون يسجلون نجاحات في ألمانيا   تامر غزال.. أول سوري يترشح لبرلمان آوغسبورغ لاند محاور لإصلاح التعليم الطبي السوري محافظ حلب يبحث مع وفد ألماني دعم مشاريع التعافي المبكر والتنمية ابن مدينة حلب مرشحاً عن حزب الخضر الألماني خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب"