تعترف سيمون دي بوفوار أن طريقتها بعيش الحياة هي القيام أحياناً بفعل الأشياء بالقليل من الجنون..
ويبدو أن وصفة الجنون تناسب الابتعاد عن الجدّية المفرطة التي لا تفعل شيئاً سوى زيادة نسبة بشاعة العالم.
زمن الحرب في باريس المحتلة، لاحظت الفيلسوفة الفرنسية أن الناس في تلك الفترة ادّخروا المعونات الغذائية وانغمسوا بالأكل والمرح وشرب الكحول.. رقصوا وغنوا وعزفوا الموسيقا. كتبت دي بوفوار: «لقد أردنا أن نختلس بعض المتعة من هذا الارتباك، وأردنا أن نعيش ثمالة المتعة في مواجهة خيبات الأمل الحاضرة أمامنا»..
يخطر لي أننا لو حاولنا مواجهة سنوات الخيبات المتراكمة في وعينا ولاوعينا.. والقابعة فينا، كم يلزمنا من ثمالة المتعة حتى نواجهها..؟؟
ولهذا لربما تكون كل محاولات تمرّدك ليست أكثر من اختلاس لحظات المتعة في وجه فوضى الحرب وعبثيتها الحاصلة.. حرب أوصلتنا حدّ الثمالة من فرط لامعقوليتها.
وبالتالي.. كلّما زادت شدّة الخيبات، وعلت نسبة انعدام الحياة بأبسط تفاصيلها، زادت فينا رغبة عيش ثمالة المتعة.. وأصبحت مجرد ابتسامة سلاحنا الأكثر جدوى بمواجهة كل اللاجدوى المحيطة.. تماماً تصبح حالنا كما ذكر يوماً هاروكي موراكامي: «كانت تبتسم مهما حدث, في الواقع، كلّما ساءت الأمور أصبحت ابتسامتها أعرض».
لميس علي
lamisali25@yahoo.com
التاريخ: الخميس 30 – 1 – 2020
رقم العدد : 17181