ثورة أون لاين – أحمد حمادة:
أميركا بجمهورييها وديمقراطييها، بحمائمها المزعومة وصقورها المتهورة، برئيس أهوج مثل ترامب يتعكز على شركات احتكارية جشعة ويستثمر مالياً بكل قضايا وأزمات العالم، أو برؤساء كبوش وريغان وكلينتون يستندون في مخططاتهم على دهاة السياسة والحروب، هي الدولة القاتلة التي لا تستطيع العيش دون أن تتنفس هواء العدوان والاستعمار.
هي أميركا ذاتها، التي تضع بين عيني بنتاغونها واستخباراتها أهدافاً إستراتيجية استعمارية حيال المعمورة عموماً ومنطقتنا على وجه التحديد، مهما كان حزب الرئيس أو لونه، ولا يهمها سوى مصالحها ومصالح الكيان الإسرائيلي وأمنه المزعوم.
فرؤساؤها جميعاً تسابقوا على مدى عقود لتصفية القضية الفلسطينية وترسيخ وجود السرطان الإسرائيلي ومحاولة دمجه في نسيج المنطقة، وما يسميه ترامب اليوم (صفقة القرن) هو نسخة طبق الأصل عن ذات المشاريع الاستعمارية التي جاءت تحت مسميات ومصطلحات أخذت طريقها مرة في مؤتمر مدريد المزعوم للسلام أو صفقة أخرى كما في (أوسلو) وسواهما.
كلهم سعوا لتصفية القضية الفلسطينية، ونسف حل الدولتين، وتوطين اللاجئين حيث هم ليطمئن الكيان الغاصب على مستقبله الاستيطاني، وللأسف دوماً بتمويل عربي وبترويج لتلك الصفات ومباركتها من قبل مشيخات البترودولار وإعلامها الفارغ من أي مضمون عروبي.
إنها الصفقات ذاتها التي تدس سموم أميركا بعسل السلام المزيف، وها هو ترامب اليوم يغلف صفقته بأوراق (صفراء) مذهبة، ويزعم أنها تمثل فرصة لا خاسرين فيها، وأنها بنظره (المقترح الأكثر تفصيلاً على مدى التاريخ فيما يتعلق بالتسوية في المنطقة) متجاهلا أنها تتعارض مع أبجديات القانون الدولي وتنسف حقوق الشعب الفلسطيني، وتتناقض مع قرارات الأمم المتحدة، وتفتقد لأي عنصر قانوني أو حتى أخلاقي وإنساني، لأنها باختصار مستنسخة من شخصيته العنصرية والفوقية والمنحازة حتى النخاع للوبي الصهيوني وربيبته إسرائيل.