رأس المعري المقطوع..

 

 

تلك هي الحقيقة التي لا تخفي دلالاتها يوم دخلوها، أسرعوا إلى رأس المعري وقطعوه.. لم يبك الرأس ولا صاحبه .. فحيث تكون رايات الفكر الأسود المتفرد المظلم.. لا يمكن أن يكون المعري!! هذا مستحيل.. ولو عاش المعري وهم قادمون براياتهم السوداء وقد دخلوا المدينة لقطع بيده رأسه!!
المعري فيلسوف البحث والتفكير بعمق حقائق الأمور وكينونة الإنسان ومصيره.. كيف لرأسه أن يصمد أمام قطعان المجردين من كل عقل مع سبق الإصرار.
السؤال الذي يطالعني:
لو قدّر لهؤلاء أن يحكموا الأمة الإسلامية منذ كان الإسلام وانتشر حتى اليوم.. فما الذي كانت ستخسره البشرية والحياة؟!
إنهم يقطعون الرؤوس فقط، لأن فيها أدمغة تختزن عقولاً.. و .. والعقل عدوهم، لأنه يفكر فيرى فيعرف.. ولعله يرى ما لا يرون ويعرف ما لا يعرفون.. وفي شرائعهم، أن ذلك عقوبته الموت.. بل قطع الرأس.
هنا يكمن ما يتحداهم .. ثمة رأس يفكر ويحاول .. ويغامر.. وقد يرى ما لا يرون.. يريدون إخضاع العقل لثابت جهلهم.. وكل عقل ثابت هو عقل جاهل.
في هذا الإطار يشكل المعري تحدياً نموذجياً لما يرون.. هو صاحب السؤال الدائم بحثاً عن الاقتناع والحقيقة والإيمان الصادق، وليس بحثاً عما يسمونه الكفر!!
حيّرته الحياة.. فحمل سراج العقل ليضيء ظلماتها.. وينتصر على ظلمة عينيه، فيرى كما لم يرَ أحد.
حيرته الآخرة فكتب فيها «رسالة الغفران» وما زالت حتى اليوم رسالة الإبداع والفكر والصدق والبحث عن الحقيقة.. عن الصحيح.. «ليت شعري ما الصحيح»؟
عن المصير البشري:
صاح، هذي قبورنا تملأ الرحب
فأين القبور من عهد عاد؟
ابن المعرة تذكرته مدينته التي نسب إليها، وحمل اسمها على مرّ العصور.. فأقامت له نصباً.. بل هو نصب للرأس الذي احتوى دماغاً اختزن العقل الفريد.
عقل المعري كان تحدياً للجهلة والكفرة وأعداء العقل.. ويوم دخلوا المدينة أسرعوا إليه.. فقطعوه… مانحين العبقري الكبير بعد أكثر من ألف عام على ولادته ونشأته شرف رفضهم ومعاداتهم إلى الأبد.
للمعري وعقله وفكره وتاريخه والإعجاز فيما خلّف وورّث.. يهدي السوريون اليوم حاضنته الأبدية «المعرة» إنها معرة المعري.
ستدور الأيام وتتجدد الحياة.. ويستعيد السوريون إشراقة العقل وإرادة الحياة المنتصرة.. ويبقى المعري خالداً خلود المعرة.. ولن يتذكر أحد في الدنيا أصحاب الرايات السوداء إلا للعنهم.
أسعد عبود

As.abboud@gmail.com

التاريخ: الخميس 6 – 2 – 2020
رقم العدد : 17186

 

آخر الأخبار
بقيمة 2.9مليون دولار.. اUNDP توقع اتفاقية مع 4 بنوك للتمويل الأصغر في سوريا حمص.. حملة شفاء مستمرة في تقديم خدماتها الطبية د. خلوف: نعاني نقصاً في الاختصاصات والأجهزة الطبية ا... إزالة مخالفات مياه في جبلة وصيانة محطات الضخ  الألغام تهدد عمال الإعمار والمدنيين في سوريا شهادة مروعة توثق إجرام النظام الأسدي  " حفار القبور " :  وحشية يفوق استيعابها طاقة البشر  تفقد واقع واحتياجات محطات المياه بريف دير الزور الشرقي درعا.. إنارة طرقات بالطاقة الشمسية اللاذقية.. تأهيل شبكات كهرباء وتركيب محولات تفعيل خدمة التنظير في مستشفى طرطوس الوطني طرطوس.. صيانة وإزالة إشغالات مخالفة ومتابعة الخدمات بيان خاص لحفظ الأمن في بصرى الشام سفير فلسطين لدى سوريا: عباس يزور دمشق غدا ويلتقي الشرع تأهيل المستشفى الجامعي في حماة درعا.. مكافحة حشرة "السونة" حمص.. تعزيز دور لجان الأحياء في خدمة أحيائهم "فني صيانة" يوفر 10 ملايين ليرة على مستشفى جاسم الوطني جاهزية صحة القنيطرة لحملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال فيدان: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا تزعزع الاستقرار الإقليمي الجنائية الدولية" تطالب المجر بتقديم توضيح حول فشلها باعتقال نتنياهو قبول طلبات التقدم إلى مفاضلة خريجي الكليات الطبية