كانت زيارة مدينة حلب وريفها، جزءاً من جولة سياحية لمجموعات السياحة الثقافية من مختلف الثقافات، جولة تضم في مرات كثيرة سورية كلها، ابتداء من دمشق والسويداء، وحتى عين دارة، لكن لحلب مكانة خاصة عند السياح من مختلف الثقافات.
في الهامش المتاح للدليل، كان السائح يتعرف على الناس في القرى المجاورة للمواقع الأثرية، ويأكل من طعامهم، كما فعل دليل اللغة الفرنسية الدكتور رياض كحال، الذي يقول للثورة: بعد انتهاء الزيارة، كنت أفاجئ السياح الذين ينتظرون مني أن آخذهم إلى حلب لتناول الغداء في أحد المطاعم السياحية هناك، باصطحابهم بدلا من ذلك، إلى قرية باصوفان على بعد ٤ كم شرقي كنيسة سمعان، يقطن تلك القرية مواطنون سوريون قرويون، ارتبطت بعلاقة صداقة قوية مع إحدى العائلات هناك، وهي عائلة أبو بحري، وكان عندهم تسع بنات جميلات الخلق والأخلاق، بالإضافة إلى صبيين هما بحري وحمودة. كنت أتصل قبل يوم من مجيئي مع أم بحري لأخبرها بعدد السياح والوجبات التي أريدها. فكانت تحضر بناء على طلبي الكبة والكوسا والباذنجان والفليفلة المحشي والملوخية والشاكرية والسلطات، و للتحلاية كانت تحضر لهم الرز بحليب وفي أعلاه الفستق على شكل قلب بالإضافة إلى طبق الفواكه.
كان السياح يفرحون كثيراً لأننا أتحنا لهم الفرصة للتعرف على الريف السوري والمطبخ السوري الحقيقي، كانوا يتأففون حين أحثهم في نهاية الغداء للذهاب إلى الحافلة للعودة إلى حلب لاستكمال الجولة. كانوا يودون لو يمضون النهار بأكمله عند أم بحري وعائلتها. في إحدى جولاتي كنت أرافق وزير الثقافة الفرنسي الأسبق جاك لانغ وزوجته. بقي جاك لانغ يأكل حوالي الساعتين وحين ذكرته بضرورة الاستعجال للعودة لحلب لزيارتها، قال لي: (أنا بحياتي ما قعدت هيك قعدة حلوة). وبقي جاك لانغ وزوجته مونيك عند أصدقائي في قرية صوفان حتى السادسة مساء.
عن تفاصيل الجولة يقول كحال: في اليوم الأول كنا نصل حلب مساء لتناول العشاء والمنامة في الفندق، صباح اليوم التالي نبدأ عادة من كنيسة سمعان صباحا، و جولة مدينة حلب بعد تناول طعام الغداء في أحد مطاعم المدينة، تقع كنيسة سمعان على بعد ٣٨ كم شمال غربي حلب كما يحدثنا كحال، قبل الوصول إليها بعشرة كيلومترات، كنا نصل إلى كنيسة المشبك وهي من الفترة البيزنطية وتقع على يسار الطريق في قمة هضبة،غالبا ما كنا نزورها، يتمتع السياح بمنظر الطبيعة البانورامي الأخاذ. بعد كنيسة المشبك بحوالي عشرة كيلو مترات تقع كنيسة سمعان التي أمر ببنائها الإمبراطور البيزنطي زينون تخليدا لذكرى الناسك سمعان العمودي الذي عاش حوالي ٤٠ عاما على قمة عمود للتقرب من الله وأداء الصلاة له. ولد سمعان عام ٣٧٨ وتوفي عام ٤٥٩. بدأ بناء الكنيسة عام ٤٧٦ ودشنت عام ٤٩٢ وهي من أهم الكنائس البيزنطية في سورية.
أما تتمة الجولة فكانت بعد الغداء يقول كحال: نتجه لزيارة القلعة ومن ثم المتحف، وهو متخصص بالفترة الآرامية، ومن ثم الجامع الأموي والذي تم بناؤه بين عامي 715 و 720، ننهي زيارتنا بالتسوق في أسواق حلب التي لها أول و ليس لها آخر. بعد ذلك كنا نعود للفندق للاستراحة وتناول العشاء.
بعد ذلك كنت أقترح على السياح جولة ليلية في المدينة، أستأجر لهم سيارة أو سيارتين سوزوكي يركبون في المؤخرة وأعمل لهم (لفة) حول قلعة حلب، ثم نتجه بسيارات السوزوكي إلى حي الجديدة نترك سيارات السوزوكي، لنتجول سيراً على الأقدام لأريهم جمال العمارة الحلبية من خلال زيارة مطعم السيسي وفندق بيت وكيل وفندق دار زمريا وبعد ذلك يعودون للفندق منهكين من التعب.
لينا ديوب
التاريخ: الأحد 23 – 2 – 2020
رقم العدد : 17200