بيـــــــــن النظـــــــرة السـلبية وقلــة المحفـزات..التعليم الصناعي بدرعا… مطالب بتأمين فرص عمل.. وتحديث وسائل التدريب.. ودعم الخريجين بقروض ميسرة

أصبح التعليم المهني والتقني في الوقت الراهن من أهم الروافع التعليمية المهمة التي تتيح للطلاب فرص عمل يستطيعون من خلالها كسب لقمة عيشهم عبر ممارسة الحرف والمهن التي تعلموها خلال دراستهم في الثانويات والمعاهد الفنية والمهنية ..فهذا النوع من التعليم مازال دون الطموح بسبب ضعف الدعم المادي والموازنة القليلة مقارنة مع حجم الإنتاج والعمل والحوافز وغلاء مستلزمات الإنتاج في الوقت الراهن.. ناهيك عن تلك النظرة السلبية القاصرة التي ينظرها المجتمع لمن يدخل في صفوف التعليم المهني والفني وبالتالي ابتعاد الكثير من الطلاب عنه.

 

ولهذا كان لابد لنا من إلقاء الضوء على أهمية التعليم المهني في تطور المجتمع والمنغصات والصعوبات التي تواجه هذا التعليم وسبل تحسينه.. حيث تولي الدول المتطورة صناعياً أهمية له، والحرفي والمهني المنتج هو الإنسان الذي يقع على عاتقه مسؤولية التطور والنهوض الصناعي وتأمين المستلزمات المعيشية للمواطنين، ولذلك أمنت الدولة له كل مستلزمات النجاح والنهوض والتطور وهذا مانصبو إليه.

نظرة سلبية
يقول طلاب التعليم المهني والفني بدرعا إن هناك نظرة سلبية ينظرها المجتمع إلى طلاب هذا التعليم لكونهم من أصحاب العلامات القليلة التي لم تسمح لهم بولوج طريق التعليم العام بفرعيه العلمي والأدبي وبالتالي سادت تلك النظرة السوداوية السلبية منذ عشرات السنين ما أدى إلى تراجع إقبال الطلاب على هذا النوع من التعليم.. ويرى بعض الطلاب أن التعليم المهني والتقني يعد من أهم أنواع التعليم لأنه مقرون بمهن وحرف وتدريبات عملية إنتاجية مفيدة للطلاب وسوق العمل والإنتاج الحرفي والصناعي ..وطالب خريجو المدارس والمعاهد المهنية والتقنية بضرورة دعمهم بالقروض الميسرة لافتتاح منشآت ومحال وورشات مهنية وتغير الصورة السلبية عن التعليم المهني وذلك من خلال تطوير هذا التعليم ودعمه وفتح فرص العمل أمام الخريجين وتحديث وسائل التدريب وتطويرها كي تكون مواكبة للنهوض الصناعي الذي نصبو إليه وخاصة ونحن في مرحلة إعادة البناء والإعمار.

تعزيز مهارات الطلاب
مدير تربية درعا محمد خير العودة الله أوضح أنه يتم العمل حالياً على تعزيز وتفعيل مهارات طلاب المدارس المهنية والمعاهد التقانية من خلال متابعة تنفيذ الخطة الدرسية المقررة وفق المناهج المطورة وربط المعلومات النظرية بالتدريبات العملية عبر ورشات التنفيذ والصيانة التي تم تشكيلها من الطلاب وتشرف على أعمالها لجان وزارية.
ولفت إلى أن المديرية تتوجه حالياً الى إعداد خطة لتفعيل الورشات الطلابية وخاصة العاملة داخل المشاغل الموجودة بالمدارس والمعاهد المهنية بمهنة نجارة الأثاث والزخرفة واللحام وتشكيل المعادن حيث يتم توجيههم إلى تصنيع وصيانة وإصلاح كل ما يتعلق بمدارسهم من «منجور خشبي وألمنيوم وحمايات ونوافذ وأبواب» إضافة إلى إنتاج مقاعد لتوزعها المديرية لاحقاً على المدارس المحتاجة تباعاً حسب الحاجة.

اكتفاء ذاتي
وأشار إلى أن أعمال ورشات المدارس والمعاهد المهنية تتضمن قيام الطلاب بصيانة ماكينات مهنة خياطة الملابس في المدارس النسوية والمعهد التقاني للاقتصاد المنزلي- النسوي وتزويد مديرية التربية ومعظم مدارس مدينة درعا بالطاولات والموبيليا وستائر للنوافذ بعد تفصيلها في مشغل البرادي التابع لمديرية التربية على أن تشمل هذه الأعمال لاحقاً احتياجات مدارس المناطق الأخرى في المحافظة.

بلغة الأرقام
أما المهندس منير المقداد معاون مدير التربية للتعليم المهني والتقني فقد بين أن مشغل المقاعد الموجود في المعهد الصناعي التقني يقوم بتصنيع وصيانة المقاعد الصفية للمعهد والمدارس الأخرى كما يستفيد من نواتج الخشب التي تتشكل من باقي الألواح لتصنيع هياكل الطاولات ومن خلاله تم تأمين طلبات مديرية التربية من الأثاث المكتبي كما تم تصنيع ما يقارب 7250 مقعداً مدرسياً وصيانة أكثر من 3900 مقعد وهيكل معدني منذ بداية عام 2019 لافتاً إلى وجود مشغل لخياطة الستائر أيضاً يعمل على تزويد القاعات بالستائر اللازمة ومشغل تصنيع أنابيب للمدافئ حيث تم تصنيع نحو 20 ألف بوري مدفأة حتى تاريخه.

ثانويات صناعية
وأكد المقداد أن معلمي الحرف والطلاب ينتجون عدة أنواع من احتياجات المدارس أهمها المقاعد المدرسية والطاولات وخزانات الماء والمازوت والرفوف والطاولات الخشبية وأخرى للحاسوب وبواري المدافئ إضافة إلى عدد من المنتجات التي ينتجها الطلاب خلال العام الدراسي كمشاريع تخرج تتناسب مع المهن التي يدرسونها.
وأوضح أن هناك ست ثانويات صناعية تتوزع في كافة مدن المحافظة وتدرس فيها عشر مهن وهي تقنيات الحاسوب وشبكات حاسوبية وبرمجة وأنظمة تشغيل والتقنيات الكهربائية والإلكترونية وميكانيك المركبات ولحام وتشكيل والآلات الزراعية والتصنيع الميكانيكي والنجارة.
وبين أن هناك عشرات الطالبات اللواتي سجلن في بعض الحرف والمهن المناسبة لهن بالثانويات الصناعية مثل الحاسوب والإلكترون وغيرها وهذا الأمر لم يكن موجودا قبل عدة سنوات، ويعود سبب ذلك إلى رغبة الفتيات في تعلم حرف ومهن تمكنهن من دخول سوق العمل بسرعة.

طموحات وموازنة ضئيلة
أما المعهد الصناعي وحسب المقداد فيدرس فيه 8 مهن، وجميع هذه المهن يتم تدريسها في الثانويات .. لافتا إلى أن لدى المديرية في هذا التعليم كادرا تدريسيا وإداريا يبلغ أكثر من ألف معلم وإداري يشكل معلمو الحرف منه نحو أربعمئة في الاختصاصات كافة.
وأشار إلى أن المعهد المتوسط التقاني الصناعي مجهز بمكنات حديثة وبالاختصاصات التي يدرسها الطلاب، حيث تعد وزارة التربية المعاهد الصناعية مهنا إنتاجية قادرة على تزويد السوق المحلية ببعض المنتجات وبأسعار أقل من القطاع الخاص.
كما أن المعهد يخطط لإنتاج مشاريع تخرج يستفاد منها في المعهد والمدارس إذ يتحمل كامل تكاليف الإنتاج ومن أهم ماينتجه الأثاث المعدني والخشبي وغيرها وبالتالي التخلص من الهدر في التصنيع إذ تتوافر الآلات والكوادر اللازمة للإنتاج وهو ماسيتوجه إليه المعهد لاحقاً وخاصة مع توافر المشاغل والمساحات الكافية وأنه يعتمد سياسة الاكتفاء الذاتي في كل احتياجاته من خلال استبدال التجهيزات التالفة بتجهيزات جديدة من إنتاجه كالإنارة والمقاعد والخزانات والمدافئ وغيرها.
وعن أسباب عدم دخول المعهد الصناعي إلى سوق الإنتاج المحلي تفيد مصادر من المعهد أن الموازنة المرصودة للإنتاج غير كافية وهي قليلة جدا إضافة إلى أن المنتج غير قادر على المنافسة السعرية مع القطاع الخاص فضلا عن عملية استهلاك الآلات والبنى التحتية.

اعتمادات غير كافية
وأشار مدير الثانوية الصناعية الأولى بدرعا إلى أن الثانوية تضم مهناً وحرفاً متنوعة يمكن أن تكون موازية لسوق العمل وأن يكون الطالب المتخرج من هذه المهن رديفاً في إعادة الإعمار.
وبين أن مهنة لحام وتشكيل المعادن في الثانوية تقوم حالياً بتصنيع بواري المدافئ لصالح مديرية التربية، حيث يتم تأمين مستلزمات التصنيع من خلال المديرية وتتم الصناعة بالتعاون ما بين الطلاب ومعلمي الحرف.
وأوضح أن موازنة شراء الأدوات ومستلزمات التدريب والإنتاج قليلة جدا وتم تخصيصها بـ 600 ألف ليرة فقط بينما تحتاج الثانوية لنحو ثمانية ملايين ليرة.. مبينا أن حرفتي الحدادة واللحام والتشكيل المعدني والنجارة هما الأكثر احتياجا لمستلزمات التدريب والإنتاج لأنهما تقومان بتصنيع البواري وإصلاح النوافذ والأبواب للمنشآت التربوية والمدارس.
ربط التدريب بسوق العمل
عدد من مدربي المهن في المشاغل أعربوا عن أهمية التدريب العملي لتزويد الطالب بأدوات سوق العمل قبل تخرجه، حيث أشار عبد الكريم أحمد معلم في حرفة النجارة إلى أنه يقوم بتدريب الطلاب في الجانب العملي بمشغل النجارة بالثانوية المهنية الصناعية الأولى بمدينة درعا على نجارة الأثاث وتنفيذ نماذج متطورة وفق مواصفات مميزة وعصرية ترفد احتياجات مديرية التربية إضافة إلى القيام بصيانة الأثاث ومنجور الخشب من أبواب ونوافذ للمدرسة وبالتالي تحقيق الوفر المادي.
جبر الجوابرة معلم حرفة بمشغل المعهد الصناعي لفت إلى أن المشغل ينتج المقاعد المدرسية والمنجور الخشبي حيث يتم العمل فيه وفق خطة مديرية التربية.
ونوّه عدد من الطلاب بالمهارات المميزة التي يحققها لهم التعليم المهني، حيث يختصر عليهم فترة التدريب ويسهم بدخولهم سوق العمل بقدرة عالية وقيامهم بأعمالهم بشكل متقن وعلمي.

قدم البناء واهتلاك الآلات
وخلال جولتنا في بعض أقسام وحرف الثانوية الصناعية بدرعا ولقاء بعض المعلمين والطلاب لاحظنا أن هناك ضيقا بالمكان في أقسام العملي وقدم البناء الذي مضى عليه أكثر من أربعين سنة، وهناك رشوحات مائية من الأسقف والجدران وقت الشتاء إضافة إلى قدم المخارط والمقاشط الآلية في قسم التصنيع الميكانيكي وقسم كبير منها معطل وكذلك الحاجة لتطوير آلات قسم النجارة وتركيب المنجرة وآلة الحفر على الخشب وتحديث أدوات وتجهيزات قسم الآليات والميكانيك وتأمين مستلزمات حرفة منجور الألمنيوم الجديدة وتأمين مستلزمات الإنتاج والتدريب.
وذكر رئيس قسم اللحام والتشكيل المعدني أن المشغل يقوم بتصنيع الأبواب والنوافذ المعدنية والخزانات وحمايات النوافذ وغيرها إضافة لتصنيع بواري المدافئ لصالح التربية والمدارس، وهذا العمل يتم بالتعاون بين الثانوية والتربية بإشراف وزارة التربية, وهذا الأمر وفر الكثير من الأموال على التربية وخاصة ونحن في مرحلة إعادة الإعمار وصيانة وتأهيل المنشآت التعليمية من مدارس ومبان تابعة للتربية.

مطالب محقة
بعض الطلاب الذين التقيناهم أكدوا أهمية مشاركتهم في إنتاج مستلزمات المدارس ولكنهم طالبوا بدعم موازنة مشاغل الإنتاج والتدريب وصرف تعويضات ومكافآت تشجيعية لهم، مؤكدين أهمية تحديث وسائل وأدوات الإنتاج والتصنيع وتوفير المواد الأولية بالكميات المناسبة والوقت المحدد.
وأشار بعض الطلاب إلى ضرورة دعم الخريجين وزيادة أعداد المقبولين منهم بالجامعات تشجيعا لهذا النوع من الدراسة وزيادة إقبال الطلاب عليه، وتقديم القروض الميسرة لهم وإعفاء المحال والآلات من الرسوم والضرائب لمدة أربع سنوات حتى يستطيع الحرفي الوقوف على قدميه وتطوير حرفته وتحفيزهم من خلال تخصيص خريجي الصناعة بالمناطق الصناعية بمقاسم مناسبة لهم.
تحقيق: جهاد الزعبي

التاريخ: الأثنين 24 – 2 – 2020
رقم العدد : 17201

 

آخر الأخبار
الدكتور الشرع: تفعيل اختصاصات الصحة العامة والنظم الصحية للارتقاء بالقطاع وصول الغاز الطبيعي إلى محطة دير علي.. الوزير شقروق: المبادرة القطرية ستزيد ساعات التغذية الكهربائية مرحلة جديدة تقوم على القانون والمؤسسات.. الشرع يوقِّع مسودة الإعلان الدستوري ويشكل مجلساً للأمن القو... الرئيس الشرع يوقِّع مسودة الإعلان الدستوري تاريخ جديد لسوريا وفاتحة خير للشعب غياب ضوابط الأسعار بدرعا.. وتشكيلة سلعية كبيرة تقابل بضعف القدرة الشرائية ما بعد الاتفاق.. إعادة لهيكلة الاقتصاد نقطة تحول.. شرق الفرات قد يغير الاقتصاد السوري نجاح اتفاق دمج قوات سوريا الديمقراطية.. ماذا يعني اقتصادياً؟ موائد السوريين في أيام (المرق) "حرستا الخير".. مطبخ موحد وفرق تطوعية لتوزيع وجبات الإفطار انتهاء العملية العسكرية في الساحل ضد فلول النظام البائد..  ووزارة الدفاع تعلن خططها المستقبلية AP News : دول الجوار السوري تدعو إلى رفع العقوبات والمصالحة فيدان: محاولات لإخراج السياسة السورية عن مسارها عبر استفزاز متعمد  دول جوار سوريا تجتمع في عمان.. ما أهم الملفات الحاضرة؟ "مؤثر التطوعي".. 100 وجبة إفطار يومياً في قطنا الرئيس الشرع: لن يبقى سلاح منفلت والدولة ضامنة للسلم الأهلي الشيباني يؤكد بدء التخطيط للتخلص من بقايا "الكيميائي": تحقيق العدالة للضحايا هدوء حذر وعودة تدريجية لأسواق الصنمين The NewArab: الشرع يطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للانسحاب من جنوب سوريا "The Voice Of America": سوريا تتعهد بالتخلص من إرث الأسد في الأسلحة الكيماوية