لا أعرف ما إن كانت عيناً أو أذن الرقابة التموينية ترى وتسمع بوضوح حجم الفلتان السعري المستشري منذ أيام وأسابيع في جميع أسواقنا الشعبية والعصرية دون استثناء.. ولا أعرف أيضاً إلى متى ستبقى حالة الانكفاء والانطواء لأشهر والمد لساعات (هبات وهبات) هو عنوان الحملات الرقابية لأجهزتنا التموينية بين الفينة والأخرى.. ولا أعرف كذلك كم يشكل عدد الضبوط المنظمة من إجمالي مشهد الغلاء العام الذي لم تكن بدايته من البسطات ولا نهايته في محلات الماركات والمولات.
لا أعلم كم من الوقت الإضافي (شهور أو سنوات) تحتاجه وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لوضع لمساتها النهائية على قانونها رقم 14 لعام 2015 ولا سيما لجهة تشديد العقوبات على تجار الأزمات، ورفع سقف الغرامات، وإطالة مدة التوقيف، والإحالة إلى القضاء..
ولا أعلم ما هو الرادع أو العائق أو المانع الذي يحول قصداً وعمداً دون إخراج قائمتي التجار السوداء والبيضاء من أدراج وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك المغلقة حتى تاريخه، على الرغم من قوة تأثيرها ومفعولها على شريحة غير هيّنة من التجار الذين يحسبون ألف حساب وحساب لأي ضرر معنوي (مهما كان حجمه) قد يصيب سمعتهم ومكانتهم أو يلحق الضرر أو الأذى بمنتجاتهم وتجارتهم، تماماً كإدمانهم وامتهانهم للكسب غير المشروع، وجمع القروش، والتلاعب بالكيل والميزان ومؤشر الأسعار (التصاعدي حصراً)، واستغلال حاجة المواطن صاحب الدخل المحدود، وخلق حالة من اللا استقرار في الأسواق، ناهيك عن حالات الاستغلال والاحتكار التي تمكنهم من تكديس مبالغ جديدة وإضافية كانت ومازالت بالحسبان.. وتحقيق معادلتهم (التي لا تمّت لا للعقل ولا حتى للمنطق بصلة لا من قريب ولا بعيد) القائمة على أن التجارة بالنسبة لهم هي معادلة من طرف واحد ألا هو الربح دون الخسارة (خسارة في نسب الأرباح لا برأس المال) التي يبدو أن المواطن سيستمر بدفع فاتورتها.
عامر ياغي
التاريخ: الأثنين 2 – 3 – 2020
رقم العدد : 17206