منذُ نحو أربعة أعوام أطلقت الهيئة العامة السوريّة للكتاب المشروع الوطنيَّ للترجمة الذي تسعى من خلالِهِ وزارة الثقافة السوريّة إلى مَدِّ جسور التواصل المعرفي والثقافي مع حضارات وثقافات شعوب العالم، وربّما بدا الأمرُ يومذاك للكثيرين؛ أقرب إلى الحلمِ منهُ إلى الحقيقة، فالبلادُ ما زالت تضمِّدُ جراحها، وهي أحوجُ إلى كلِّ جهدٍ ودعمٍ ومساعدة في الأمور الحياتيّة الَمعيشَة البسيطة؛ ربّما أكثر من حاجتها الماسة إلى المشاريع الثقافيّة الكبرى، لكنَّ التشجيع الذي استقبلت به العديد من الجهاتِ المسؤولةِ في الدولةِ السوريّة هذا المشروع إنّما يعكسُ سمّو هذا الوطن على جراحاتِهِ، وحُلمه الكبير في العودةِ إلى ريادةِ المشهد الثقافي العربي، ورفد الساحة الثقافيّة المحليّة بآخِرِ ما تُنتِجُهُ أممٌ أخرى في مختلف وجوه المعرفة، ولقد سعت الهيئة العامة السوريّة للكتابِ إلى تنفيذ هذا المشروع من خلال خطط سنويّة تضمُّ العناوين التي تسعى في العام نفسِهِ إلى ترجمتها وطباعتها، وللحقيقة أن خطة العام 2019، كانت طموحة جداً وضمت مئتي كتاب اختيرت من مُختلف ثقافات العالم، وحاولت الهيئة أن تُشْرِكَ في تنفيذها عديداً من الجهات المعنيّة بالترجمة ولا سيّما دور النشر الخاصة، وتعاونت مع اتحاد الناشرين السوريين ومؤسسات أخرى مثل المعهد العالي للترجمة في جامعة دمشق، وقدّمت وزارة الثقافة بعض الحوافز لهذهِ الدور، لكن هذهِ التجربة للأسف لم تنجح حتى الآن، لذلك جاءت خطة هذا العام مُقتصرة على وزارة الثقافة نفسها وضمّت نحو سبعين (70) كتاباً شملت اللغات: الإنكليزيّة والفرنسيّة والروسيّة والإسبانيّة والألمانيّة والفارسيّة والتركيّة والأرمنيّة والتشيكيّة والصربيّة، علماً أن الهيئة تلجأُ أيضاً لترجمةِ أعمالٍ من الصينيّة واليابانيّة والكوريّة وغيرها عن لغاتٍ وسيطة لعدم وجود مترجمين عن هذهِ اللغات، وكُلنا أملٌ أن تنفّذ هيئة الكتاب خطتها لهذا العام بالكامل، وأن ترفِدَ المشهد الثقافي السوري والعربي بمجموعةٍ مهمّة من الكتب التي لن نستطيع جميعنا أن نقرأها بلغاتها الأم.
د. ثائر زين الدين
التاريخ: الأحد 8-3-2020
الرقم: 17211