القرار رقم 5 ما لـــه وماعليــــــه.. عقبات ظهرت أثناء التطبيق .. والمركـــــزي يبــــــدد الهـــــــواجس
أثار القرار رقم «5» الذي أصدره مجلس الوزراء الخاص بالبيوع وتثبيت الملكيات للعقارات وللمركبات بأنواعها، والذي ألزم الجهات العامة مسك سجلات لتنظيم عمليات البيع وتوثيق العقود وتثبيت الملكية،أثار العديد من التساؤلات والهواجس التي نمر عليها ونعرض الإجراءات التي صدرت عن المصرف المركزي لتوضيحها وتبديدها .
المزيد من التساؤلات
المحامي نزار شوشرة أمين سر نقابة المحامين في ريف دمشق قال: إن القرار يعد خطوة باتجاه الوصول إلى الحكومة الإلكترونية والنقد الإلكتروني عبر التعامل عن طريق المصارف حسابيا وليس نقدا، وهو دليل قطعي على من قبض المبلغ ولايمكن إنكاره أو الادعاء بالتزوير ودفع أغلب المواطنين لفتح حسابات مصرفية كخطوة باتجاه النقد الإلكتروني، لكن الثغرة في القرار أنه لم يحدد الثمن أو الجزء من الثمن لعدم استطاعة المعنيين تحديده وبناء عليه يمكن إيداع أي مبلغ ليعتبر ثمنا أو جزءا من الثمن وفي حال وضع مبلغ 10 أو 25 ألفا مثلا فإنه يعد جزءا من الثمن، فما الفائدة القانونية والاقتصادية والنقدية من هكذا مبلغ وبذلك لن تصل إلى الهدف المرجو منه.. وهناك خشية من امتناع المصرف عن تسليم المبلغ المودع كاملا ومباشرا إلى العميل صاحب الحساب.
للخبراء الاقتصاديين رأي
الخبير الاقتصادي عمار يوسف قال للثورة: بغض النظر عن أي شيء المادة واضحة بالنسبة لأي عملية مبادلة أو عملية انتقال بين الورثة أو الوكالات العادية وليست غير قابلة للعزل. وأي شيء لا يتضمن بدلا نقديا بالنسبة للبيع والشراء لا يعد ملزما للمواطن بفتح حساب، وفي حال انتقال الورثة لا داعي لوجود المبالغ النقدية لتوضع في المصارف، ومن جهة أخرى على المواطن ألا يخاف من المبلغ الذي يجب إيداعه لأن المبلغ غير محدد، حيث يمكن أن يكون عشرة أو عشرين ألف ليرة وكما هو معروف أن المصارف تحدد المبلغ بـ 50 ألف ليرة، ويعتبر هذا المبلغ بالنسبة لبيوع العقارات والسيارات رمزيا ولا يشكل أي إثبات، وفي حال تم التصريح بالمصالح العقارية أو بدائرة المواصلات بهذا الإقرار الرسمي ولم تستمر عمليه الشراء فيمكن للشخص الذي أودع المبلغ أن يراجع القضاء لاسترداد هذا المبلغ الزهيد.
لا يمس الملكية ولا الإرادة
رئيسة قسم الدراسات والتشريعات حنان عيلبوني في مصرف سورية المركزي للثورة أكدت أن دور المصرف في القرار 5 /م تمثل في إصدار التعليمات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القرار، والتي صدرت أصولا بموجب قرار مصرف سورية المركزي رقم 215/ ل .أ تاريخ 2/2/2020
إضافة إلى متطلبات الرقابة المعتادة على تنفيذ أحكامه في الجانب المصرفي منه لدى المصارف العاملة، دون التدخل في عمل الجهات الأخرى المختصة بمسك سجلات العقارات والمركبات والتي تبقى تقوم بعملها حسب الأصول، وتم العمل على شمول أحكام القرار والتعليمات النقاط التي تحتاج لتنظيم أو توضيح، أما بقية الجوانب فموجودة وسارية في بقية القرارات والتعليمات الخاصة بالعمل المصرفي والمعمول بها لدى المصارف على وجه التحديد.
وأضافت: في حال وجود أي استفسارات يمكن التقدم بها إلى المصارف العاملة في علاقة المتعامل مع المصرف أو إلى مصرف سورية المركزي للإجابة عليها وتوضيح مايلزم للمعنيين.
وبينت أن أهم إيجابيات هذا القرار هو نشر الوعي المصرفي وتهيئة البيئة لأدوات الدفع الإلكتروني التي تحتاج وقتا وصولا إلى التطبيق الشامل، إضافة إلى تجاوز ثقافة الدفع النقدي أو الكاش على أنه الطريقة لسداد المدفوعات بما يكتنفه من مخاطر الضياع أو السرقة أو سوء الحفظ والاهتراء إلى طرق أكثر أمنا وعصرية وحضارية لسداد المدفوعات، ويكفي بها كجزء من الثمن حاليا وفي أي مرحلة من مراحل عملية البيع لاعتبار الشرط قد تم، والقرار لا يمس الملكية ولا إرادة المتعاقدين وإنما تضمن تنظيما ملائما لركن الثمن وهو أساسي بعقد البيع والتنظيم اللازم حسب اختصاص كل جهة قانونا.
المصالح العقارية: قرار يتمتع بالمرونة
معاون مدير عام المصالح العقارية عصام قولي قال: إن القرار بحد ذاته صدر عن أعلى سلطة تنفيذية (الحكومة) وهو يأتي ضمن التوجهات النقدية للدولة في سبيل المحافظة على الليرة السورية وإعلاء شأنها والتشجيع على فتح الحسابات المصرفية، والتمهيد لسياسة الدفع الإلكتروني التي تزمع الدولة اعتماده ولاسيما أن هذا الإجراء (التحويل عن طريق الحسابات المصرفية) مطبق في أغلب دول العالم المتقدمة منها والنامية.
وأضاف: إن هذا القرار يعد خطوة أولى ضمن خطوات مستقبلية ينوي المركزي اتخاذها، وهي تهدف إلى تعزيز الدفع والإبراء عن طريق الحسابات المصرفية التي تشكل ضمانا لأموال المواطنين وتوفر السيولة النقدية لدى المصارف في الوقت ذاته.
كما أن القرار لا يمس حقوق المتعاقدين ولايتدخل بملكيتهم كما أنه لم يخرق أو يخل بالمبادئ الدستورية باعتبار أنه لم يلزم المواطنين على التصريح بالبدل الحقيقي، كما لم يلزمهم تسديد كامل هذا الثمن عن طريق الحسابات المصرفية، بل اكتفى بوجوب تحويل جزء من الثمن عن طريق الحسابات المصرفية، فهو بالمجمل قد حافظ على مبدأ العقد شريعة المتعاقدين وعلى مبدأ عدم رجعية القوانين والقرارات.
وقد اشتمل نص القرار على مرونة كبيرة الأمر الذي يجعل تطبيقه لا يتسبب بأدنى ضرر أو معاناة للمواطنين، مؤكدا أن هذا القرار يتمتع بالمرونة مع استثنائه للأحكام القضائية والاسناد ثابتة التاريخ التي تعود إلى ما قبل بدء سريانه في 15/2/2020 كما سمح بتحويل مبلغ لا على التعيين من حساب أحد المشترين إلى حساب أحد البائعين في معاملات البيع على الشيوع.
وأضاف: لكن الرهان اليوم لإنجاح هذا القرار والمضي فيه مرتبط بقدرة المصارف العاملة في سورية على الاستجابة لمتطلبات المتعاملين بسهولة وسرعة، وتعزيز ثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها، ولن تتضح ثمار هذا بشكل جلي إلا اذا تم استصدار قانون ضريبة البيوع العقارية وتعديل قانون الرسوم العقارية اللذين يعتمدان على القيمة الرائجة كأساس في احتساب الضريبة والرسم بشكل عادل ويحقق عائدات كبيرة للخزينة العامة للدولة.
وقال: إن تحقيق أحكام القرار المذكور في ظل سريان قانون الرسوم العقارية الحالي سيجعل المشتري لن يحول من حسابه إلى حساب البائع أكثر من مبلغ ضئيل (يعادل القيمة التخمينية المالية) ليس أكثر والتي هي بعيدة عن الواقع ولا تمثل في أحسن الحالات 1/300 من القيمة الرائجة لأن تحويل مبلغ أكبر من هذه القيمة يعني حساب الرسم على أساس القيمة الأعلى لذلك سيحجم الشاري عن تحويل مبلغ أكبر من القيمة المالية، ما يفقد القرار (الكثير من أهدافه المنشودة)
وأشار إلى أنه من التطبيق الأولي لأحكامه بتاريخ يوم الأحد 16/2/2020 تبين أنه لا توجد أي مشقة أو عناء على المواطنين بدليل أن بعض المعاملات أنجزت وتم إرفاق الإشعار المصرفي بكل يسر وسهولة، ووثقت معاملات للبيع والشراء في الساعات الأولى من صباح يوم الأحد.
وزارة النقل تعمم
مدير النقل الطرقي في وزارة النقل محمد أسعد أكد للثورة أن الوزارة أصدرت تعميما لمديرياتها بالمحافظات يتضمن التعليمات الخاصة حول تطبيق قرار رئاسة مجلس الوزراء رقم 5 والتأكد من إرفاق إشعار بتحويل مبلغ من ثمن المركبة في حساب مصرفي ضمن معاملات عقود البيع، وعدم إجراء أي معاملة نقل ملكية (بيع -شراء) بشكل مباشر اعتبارا من يوم المبيع إلا بعد تقديم وثيقة إشعار مصرفي باسم صاحب المركبة البائع أو خلفه العام والخاص أو من ينوب عنه قانونا.
وتابع أسعد أنه بحسب التعميم يقبل الإشعار المصرفي سواء أكان صادرا عن مصرف عام أم خاص كما يقبل الإشعار المصرفي من أي مشتر في حال وجود شركاء في شراء المركبة، ويقبل أيضا الإشعار المصرفي باسم أحد مالكي المركبة في حال وجود أكثر من مالك ويحفظ الإشعار المصرفي في إضبارة المركبة ورقيا وإلكترونيا كما أشارت الوزارة إلى أن أحكام هذا التعميم لا تطبق على إجراء العقود والوكالات المتضمنة نقل الملكية دون مقابل كعقود الانتقال للورثة أو الهبة المجانية أو القسمة والاختصاص أو المبادلة المجانية والأحكام القضائية والوكالات العدلية القابلة للعزل أو التي لا تتضمن بيعا منجزا أو في حالات العقود والوكالات المستندة إلى إسناد التاريخ تم تحريرها قبل تاريخ 15-2-2020.
تعقيدات ومتاهات
خلال الاستطلاع الذي قامت به صحيفة الثورة لدى الشريحة المستهدفة كانت الآراء متفاوتة حول القرار وكذلك الأمر التساؤلات، حيث أكد أحد الذين التقيناهم لنفرض أن المشتري سدد الثمن في حساب البائع ولكن البائع رفض بعدها نقل الملكية أو تم الحجز على أمواله أو توفي، هنا يكون المشتري قد وقع في ورطة بسبب هذا القرار، فهل يتبنى المعنيون حل هذه المشكلة ويضمنون عدم ضياع حق المشتري، كما أن الشخص الذي لا يملك حسابا ماذا يفعل، في حين تساءل البعض حول ما إذا باع الشخص العقار بسعر بالنقد الوطني 300 ألف ليرة وأودعها في البنك، هل سيصدر قرار يمنع البيع إلا بسعر معين، وهل هذا القرار سوف يؤدي إلى مشاكل كبيرة لأن معظم حالات الفراغ والدفع تحصل عند التوقيع بالسجل العقاري «وقع واستلم»، ويصبح هناك وقت مابين التوقيع والاستلام وهذا سوف يخلق مشاكل كثيرة.
آخر تساءل: ماذا لو توفي البائع بعد إيداع المشتري وماذا لو امتنع البائع عن الرد.. ألا يفتح هذا القرار الباب لخلق خلافات كان المشتري بمنأى عنها، هل المشتري مضطر للدخول في خلافات مع البائع إذا سحب ما في حسابه وغادر البلد إلى غير رجعة مثلا، هل هو مضطر أن يتحمل عناء إجراءات الدعاوى فيما لو تخلف البائع عن الرد؟، وماذا لو أراد أب أن ينقل ملكية عقار إلى ولده، ففي هذه الحالة لا يوجد ثمن متفق عليه ولا يوجد تداول عملة محلية أو غير محلية، فكيف سيكون ملزما بفتح حساب في البنك ؟ ومن أين سيأتي بالأموال، وهذا ينسحب على السيارة أيضا، ثم إذا أراد شخص ما أن يبيع مسكنه ليشتري آخر أصغر أو أكبر كيف سيكون ملزما أن يودع ثمن المسكن في حساب بنكي وكيف يشتري منزلا بديلا؟ .
مع مرور أسابيع قليلة على تطبيق القرار كثيرون أكدوا وجود بعض العراقيل فيما يخص فتح الحسابات تنفيذا لمضمون القرار وخاصة في المصارف العامة لبعض الحالات لعل أهمها عدم فتح حساب للشخص الأمي، وأيضا بعض فروع المصارف أكدت عدم تسلمها لائحة من التعليمات من إداراتها كما ظهرت مشكلة فتح حساب مصرفي في حالة البيع بالوكالة ..
بيداء الباشا
التاريخ: الاثنين 16-3-2020
الرقم: 17217