المثقف الملتزم واختلال العالم

 

الملحق الثقافي:هنادة الحصري:

إن نظرة بانورامية على العالم من حولنا، تؤكد لنا وبشكل قاطع أن العالم لم يعد يسير بخطا متوازنة، بل بات هناك حالة يمكن توصيفها مرحلة «خراب عالمي».
بين يدي كتاب «اختلال العالم» للكاتب أمين معلوف، في الكتاب تتبدى رؤية الإنسان المثقف السياسي الذي يقرأ الأحداث قراءة أخلاقية، هذه الأحداث التي تتشابك لتفرز أحداثاً سياسية صانعها الأول والأخير هو الإنسان الذي بات في أسفل الدرك الأخلاقي، وهو بهذا يسعى الى تدمير حياته ومستقبله من دون وعي إدراكي، وهذا ما جعله يحيا في مأزق روحي، وهذا هو كنه التاريخ المعاصر.
ركز الكاتب في بداية الفصل الأول على مقولة وليم كرلوس وليامز: «ظل الإنسان باقياً حتى الاّن، لأنه من فرط جهله لم يكن قادراً على تحقيق رغباته، والاّن وقد بات قادراً على تحقيقها، فعليه أن يبدّلها أو يهلك».
ولعل معلوف لم يكن الأول، فقد سبقه نعوم تشومسكي وإدوارد سعيد ووو… غيرهم حيث تعرض الاثنان لمفهوم الأخلاق ودورها الهام في السياسة، فالعالم اليوم تسيطر عليه حالة من الاستحواذ والقوة والتي ستؤدي بالضرورة إلى عواقب كارثية..
لخص الكاتب وضع العالم اليوم باختلال أولاً على مستوى ثقافي حيث ما فتئ هناك تركيز على مسألة الهوية وإثبات الذات، وهذا بحد ذاته صراع خطير كتكريس الثقافات والذي ينتج مسألة النظرة المتفوقة والمتعالية للآخر.
وهذا ما دفع فرنسا بعد خوفها على هويتها الوطنية من إنشاء وزارة باسم «وزارة الهوية الوطنية» وأبدت كذلك تخوفاً من العولمة خوف أن تؤثر على لغتها وثقافتها.
ولا يخفي الكاتب قلقه على أوروبا التي تحاول الحفاظ على خصوصيتها التي بدأت بفقدها بعد أن فتحت أبوابها للجميع.
أما العرب فمأساتهم أنهم فقدوا مكانتهم بين الأمم، وللأسف ليست لديهم القدرة على استعادتها، فهم يحاولون أن يستردوا هويتهم ولكنهم يلحقون بركب كل ما هو غربي ويعتبرونه النهضة بعينها، هذا بالإضافة الى فقر وعيهم الخلقي وميل الغرب إلى تحويل وعيهم الخلقي الى أداة للسيطرة عليهم.
أما البلدان الأفريقية فهي غارقة في حروب أهلية وأوبئة وتخلف وفقر وتفكك في النسيج الاجتماعي.
وبالنسبة إلى أمريكا فهي تريد أن تهيمن على العالم بأكمله ولكنها تشعر بالعجز.
ويركز الكاتب على الدور المتعاظم للهند والصين حيث تحاولان الانفلات من المثال الغربي بالإبداع والتفوق عليه.
ولا يخفى على أحد الاختلال الأخلاقي السياسي الذي توضح من خلال جدلية الصراع التي أوصلت إلى حرب العراق وما ترتب عليها من كوارث دمرت الدولة والشعب وأدت الى تكريس الطائفية التي تعتمدها أمريكا منهجاً عاماً، والتي هي جديدة على المفاهيم العربية.
ثانياً اختلال اقتصادي، وهو لا شك نتيجة النظامين الشيوعي والرأسمالي، لأنه ومن وجهة النظر المتفق عليه أن انتفاء العدالة في توزيع الثروات سيوجد حتماً حالة من عدم التوازن وما تجره من تبعات خلّفت إرباكاً بين البشر.
ثالثاً اختلال يطال البيئة، فهو الاحتباس الحراري الذي يهدد مصير البشرية، وهو يأتي نتيجة حتمية لكل الأسباب السابقة، إضافة إلى الترسانات العسكرية والسلاح النووي وازدهار صناعة الأسلحة. هذا هو عالمنا، وللأسف كيف سيعالج هذا الاختلال؟
هي صرخة أطلقها أمين معلوف في زمن يؤكد مجدداً مقولة وليامز: «إما أن يغني نفسه أو يوقف عاداته أو العادات التي أتى عليها» وللأسف ما من مجيب.

 

التاريخ: الثلاثاء24-3-2020

رقم العدد : 992

آخر الأخبار
مجلس تنسيق أعلى سوري – أردني..الشيباني: علاقاتنا تبشر بالازدهار .. الصفدي: نتشاطر التحديات والفرص  مشروع استجرار مياه الفرات إلى حسياء الصناعية للواجهة مجدداً  شحنة أدوية ومستلزمات طبية من "سانت يجيديو" السورية للتجارة تتريث في استثمار صالاتها  أسعار السيارات تتهاوى.. 80 بالمئة نسبة انخفاضها في اللاذقية .. د. ديروان لـ"الثورة": انعكاس لتحرير ا... الفواكه الصيفية ..مذاق لذيذ بسعر غال..خبير لـ"الثورة": تصديرها يؤثر على أسعارها والتكاليف غالية   لقاح الحجاج متوفر في صحة درعا  إصلاح خط الكهرباء الواصل بين محطتي الشيخ مسكين – الكسوة تطوير المهارات للتعامل مع الناجين من الاحتجاز القسري  تحديات صحية في ظل أزمات المياه والصرف الصحي.. "الصحة " الترصد الروتيني ونظام الإنذار المبكر لم يسجل... مدير تربية اللاذقية: أجواء امتحانية هادئة "فجر الحرية".. 70عملاً فنياً لطلاب الفنون بدرعا مبادرة أهلية بحماة لترميم مدرسة عبد العال السلوم سوريا وبريطانيا تبحثان تعزيز الشراكة لدعم الاستقرار التعليمي استعراض واقع الأحياء المتضررة في حمص وإعادة تأهيلها ليس مثل قبله وفرة بالغاز وإرهاق بالسعر ... مدير عمليات الغاز لـ"الثورة": توزيع 100 ألف أسطوانة يومياً ما فائدة تق... "روبرت فورد" يُثير الجدل: ماذا قال فعلاً في محاضرته عن "الشرع"..؟ الجوز "أوكتان" 25  مدير صحة حماة ل " الثورة " :  خدمات طبية أكثر كفاءة