ثورة أون لاين:
الأديب العربي ميخائيل نعيمة توقف في منتصف القرن العشرين عند ظاهرة هامة هي العلاقة بين المبدع والناقد ورأى أن: النقد هو عمل الحياة الدائم, ولا بد من القول هنا إن الفرق بين نقد الحياة ونقد الناقدين منا وفينا لفرق شاسع جداً, فالحياة تنقد ذاتها بذاتها وأن على الناقد أن يخلق مقاييسه عن نفسه وعليه, وما من شك في أن مستوى النقد يرتفع ويهبط بارتفاع مستوى النتاج الأدبي وهبوطه, فالأدباء الكبار يمهدون الطريق للنقاد الكبار, ولا أعكس فأقول: إن النقاد الكبار يمهدون الطريق للأدباء الكبار.. هل في استطاعة نقاد العرب مجتمعين أن يخلقوا متنبياً واحداً أو أن يحولوا دون خلقه? أم هل في استطاعة جميع نقاد الفرنجة أن يأتونا بشكسبير آخر? وإذا قام شكسبير آخر فهل في مستطاعهم أن يطفئوا الشعلة التي في صدره..? حيثما كثرت القمم الشامخة قلّت الدهشة للتلال, وحيثما كانت الأنهار الكبيرة قلّت قيمة السواقي. أما حيث لا قمم شامخة ولا أنهار كبيرة فالكثبان والسواقي تبدو كما لو كانت إبداع الله في خلقه.. إن الناقد الذي لا يعيش على حساب غيره كما تعيش الطفيليات بل يعطيك من وهج روحه مقاييس للحق والخير والجمال تستهويك وتفرض احترامها عليك لهو الناقد الذي يرفع النقد الى مرتبة الفن العالمي.. أما الناقد الذي لا يجد لقلمه مادة إلا في كتاب يؤلفه غيره.. إنه كالدلجاجة التي لا تبيض ولكنها تقوقىء كلما باضت رفيقة من رفيقاتها أو كالطيور التي لا تبني أعشاشاً ولكنها تضع بيضها في أعشاش غيرها.
**
موت الأدب
مرّة يخرج النقاد والمنظرون علينا بنظرية موت الشعر وبعث الرواية , بل ذهبوا الى حدّ القول: إ نه عصر الرواية , ومرّة ثانية وثالثة يذهبون الى دفن الشعر والرواية , بل فنون الأدب كافة ويعلنون بفرح غامر: لقد مات الأدب وانبعث النقد.. ولاندري كيف يكون النقد بلا الأدب مادته الأولى ولولاه- الأدب بألوانه وفنونه لما كان النقد .. ( ليلى الأطرش) في مجلة عمّان في عددها الأخير توقفت عند هذه الفكرة : موت الأدب .. وطغيان النقد ورأت أن صرخة الناقد تودوروف عن أن الأدب في خطر هي احتجاج ضد التغريب والابهام والعودة الى الأدب في خطر هي احتجاج ضد التغريب والابهام والعودة الى الأدب الانساني الذي تمثله المدارس الكلاسيكية التي أعطت الانسانية أمهات الابداعات الأدبية والثقافة.
من المتعذر تحديد المتسبب في (الخطر على الأدب) النقد أم الابداع الذي يلهث لإرضاء النقاد ويغرقهم في المغالات والتهويم الى حد أن يصف أحدهم عملاً أدبيا ً بأن مضمونه جديد ولكن جملته غير حديثة .. هذه قضيةمطروحة أمام المبدعين والنقاد العرب ليستفيدوا من سياقات أدبية عالمية صدّرت إليهم الحداثة ثم بدأت تحذر من عواقبها..