ناصر منذر
منذ بداية الأزمة لم يغب العدو الصهيوني عن أي تفصيل من مجريات الحرب الإرهابية على سورية، فكان داعماً أساسياً للتنظيمات الإرهابية، وما تعجز عنه تلك التنظيمات يستكمله الكيان الغاصب، واعتداءاته المتكررة تثبت أنه الطرف الأصيل إلى جانب الإدارة الأميركية ونظام أردوغان في المشروع العدواني الذي يستهدف وحدة وسيادة سورية.
توقيت العدوان الإسرائيلي على شرق حمص، وعناوينه السياسية يشير إلى الأجندات المشتركة لأقطاب منظومة العدوان مجتمعة، فهو يأتي في مرحلة قطعت فيها سورية شوطاً كبيراً في القضاء على الإرهاب الذي انحسر وجوده بمساحات ضيقة في إدلب بعد تحرير معظم المناطق التي احتلها سابقاً، ويترافق مع تصعيد الولايات المتحدة وأدواتها في الغرب إرهابها الاقتصادي على الشعب السوري، بالتوازي مع استغلال النظام التركي لاتفاق وقف الأعمال القتالية بإدلب لتحشيد إرهابييه وترميم صفوفهم، وجاء هذا العدوان أيضاً في ظل الدعوات الأممية المتواصلة لضرورة وقف الحروب والاعتداءات كي يتسنى للدول التفرغ لمواجهة كورونا الذي بات يهدد العالم بأسره، ولا سيما أن الولايات المتحدة تستغل انتشار هذا الوباء بفرض المزيد من العقوبات الجائرة لمنع سورية من التصدي له، ويستثمره أيضاً نظام المجرم أردوغان من خلال قطع المياه عن أهالي الحسكة في كل مرة تنجح فيها الورشات الفنية الحكومية بتصليح الأعطال الناتجة عن الاعتداءات التركية.
الانقسامات العميقة داخل الأحزاب اليمينية الصهيونية حول تشكيل الحكومة الإسرائيلية ربما تكون دافعاً لحكام العدو للهروب من تلك المشكلات الداخلية بشن اعتداءات سافرة، يثبت فيها كل طرف أمام شارعه الانتخابي المتطرف أنه الأجدر بمتابعة النهج الإرهابي الصهيوني، ولكن تزامن هذا الاعتداء مع فرار أعداد من إرهابيي داعش من سجن غويران بالحسكة عبر عصيان مفتعل ترافق مع تحليق مكثف لطيران الاحتلال الأميركي لا يخرج عن نطاق عمليات الإجلاء المنظمة لمتزعمي التنظيم الإرهابي، يمكن قراءته في سياق مخطط صهيوني أميركي تركي لاستنساخ تنظيمات إرهابية جديدة من بقايا فلول داعش والنصرة ومن يدور في فلكهما الوهابي التكفيري، ومحاولة تعويمها “كمعارضة” معدلة أميركياً، ومحاولة استثمارها على طاولات الحل السياسي لاحقاً، على أمل أن تحقق منظومة العدوان في السياسة ما عجزت عنه في الميدان.
سورية تقترب من تحقيق نصرها الكامل على الإرهاب، وهذا الأمر يؤرق متزعمي المشروع العدواني, فالكيان الصهيوني الأكثر قلقاً على وجوده في مرحلة ما بعد الحرب على سورية في ظل القدرات القتالية التي بات يمتلكها الجيش العربي السوري ومحور المقاومة بشكل عام، والمحتل الأميركي بات يتحسب لمخاطر استمرار وجوده غير الشرعي، والنظام التركي على دراية كاملة بأن مرتزقته في طريقهم إلى الاندحار الكامل، ولا مكان لهم بعد تحرير إدلب سوى الداخل التركي، وما يترتب على ذلك من مخاطر كبيرة يدركها جيداً، ولذلك من غير المستبعد أن يرتفع منسوب التنسيق بين ثالوث الإرهاب الصهيوني والأميركي والتركي في المرحلة القادمة لإطالة أمد الأزمة أكثر، وعرقلة أي جهود دولية تصب في مسار الحل السياسي، ولكن إنجازات الميدان والمعادلات الجديدة التي يفرضها الجيش العربي السوري سيكون لها الكلمة الفصل في النهاية.