ثورة أون لاين- ابتسام ضاهر:
مازال ناقوس الحذر يدق في عالم وباء كورونا المستجد.ورغم كل الغموض الذي يلفه والذي لم تتكشف أسراره بعد ،ورغم كل الإجتهادات وكل الفرضيات الكثيرة والسيناريوهات التي كتبت عنه مازال الأمر مقلقا”طالما لم يتوافر اللقاح والعلاج اللازمان لعودة الحياة إلى سابق عهدها. ولكن يبقى الحل الوحيد والقاسم المشترك للمواجهة في معركة الكورونا الذي أكد عليه كل الخبراءهو إتباع الطرق الوقائية التي أقرتها المنظمات العالمية وفي مقدمتها التباعد الاجتماعي الذي يعتبر السلاح الأقوى الذي يستطيع أن يكسر أشد السلاسل الفيروسية انتشاراً . كما يعتبر دور الفرد نفسه خطا اساسيا في مجابهة الفيروس .وعلى الرغم من كل النجاحات التي تحققت من توأمة عنصرالمسؤولية بين الجانبين الحكومي والمجتمعي في تطبيق الإجراءات الإحترازية في مواجهة كورونا ،ورغم النتائج المطمئنة لحالات الإصابة في بلدنا ، لكن مازال هناك الكثيرين يتعاملون مع سياسة التباعد الإجتماعي الوقائي بطريقة غير مسؤولة ،بعيدة عن الإنضباط الذاتي ، فيمارسونها بمفهومهم الخاص ،الذي يسمح لهم بزيارة الأقارب والأصدقاء والجيران واعتبارها حالات مستثناة من مفهوم التباعد الإجتماعي. متناسين أن الحجر الطوعي يعني وجوب ملازمة الناس لمنازلهم ،ومنع الزيارات والتجمعات الأسرية، بحيث يقتصر وجود الأفراد في المنزل على الأسرة (أو أفراد الأسرة) فقط، وعدم الإحتفال بأي مناسبات شخصية تحتاج إلى تجمعات في المنزل. مع تجنب الأماكن العامة والتجمعات الاجتماعية غير الضرورية كالأفراح ، كما ينبغي عدم مغادرة المنزل إلا في حالة شراء أغراض المنزل الأساسية ، ومن الأفضل توفر كافة الإحتياجات الخاصة بالمنزل بحيث تقل فرص النزول بقدر الإمكان.وفي حالة الاضطرار للنزول خلال هذه الفترة يجب اتخاذ بعض الإجراءات الوقائية بعدم الإقتراب من الأشخاص المحيطين بمسافة لا تقل عن متر واحد والتعقيم باستخدام المعقمات الكحولية لحين العودة إلى المنزل .
حجر الزاوية
خلال تواصلنا مع عديد من الأشخاص الذين لم يأخذوا الأمر على محمل الجد ولم يلتزموا بقواعد التباعد الإجتماعي في الوقاية إما لجهل أولعدم مسؤولية قالوا: “نقوم بإجرآءات الوقاية على أتم وجه ،وهلكنا من التعقيم والتنظيف ،وملتزمين بالحجر الطوعي ، وتقتصر زياراتنا عند الملل فقط على المقربين لأنهم أصحاء ونضمن إلتزامهم مثلنا بالتعقيم والنظافة “.وقد غفل أولئك بأن تلك الإجرآءات غير كافية في حالة التباعد الإجتماعي ، وأن تلك الممارسات قد يترتب عليه تبعات عديدة حتى لو لم يكن الشخص مريضًا .لأن بعض الأشخاص المصابين قد ينقلون العدوى للآخرين دون أن تظهر عليهم أية أعراض .كما تبلغ فترة حضانة الفيروس مابين الإصابة وظهور الأعراض نحو خمسة أيام وأحيانا”قد تصل إلى14 يوما”.، ويعتقد العلماء أن كل شخص مصاب بفيروس كورونا قد ينقله كحدا أدنى الى ثلاثة اشخاص، وثلاثة اشخاص يستطيعون نقل العدوى إلى تسعة اشخاص وهكذا في تواتر لا يحده غير التباعد الإجتماعي الذي يحد من الاتصال الوثيق بين الأشخاص . حيث يؤكد الخبراء أنه حجر الزاوية في احتواء وباء كورونا عبر التقليل من عدد الإصابات.ولكن في المقلب الآخر قال الملتزمون بقواعد التباعد الإجتماعي الطوعي الوقائي: “إن البقاء بمعزل عن الأصدقاء والأقارب ليس سهلا” ولكن يبقى هذا الإجراء في الوقت الحالي واجب وطني على كل فرد لأنه أقوى سلاح لمحاربة الكورونا خصوصا”إذا تمكنا من إدارته بشكل جيد .و نتمنى من الجميع الإلتزام ، فلثمرة الفاسدة يمكنها أن تفسد شجرة .وهذه الممارسة الطوعية للمساعدة في وقف الفيروس تبقى فرصة لتوسيع حدود تفكيرنا لتشمل الآخرين . فجميعنا ناقلون محتملون للفيروس، لذلك، في كل مرة نمارس فيها التباعد الاجتماعي، نشارك في عمل مفيد للآخرين.
عندما تتعطل لغة العقل
في غياب الحذر والحيطة والتعامل مع هذه الظروف بوعي تتعطل لغة العقل وعندها لاينفع الندم .فرأينا نظما”صحية عالمية انهارت ولم تصمد في تحديات المواجهة و دول متقدمة كبرى . فنأمل بالإلتزام الذي يعتبر الترياق المضاد لهذا الكابوس أن نمنح نظامنا الصحي ،خصوصا أننا في حالة حصار إقتصادي ،فرصة ألا يكون ضحية ، وأن نقلل من إمتداد الفيروس لئلا نضطر لفترات أطول من الحجر ويجب أن نسير جنبا” إلى جنب مع جهود الدولة بإجراءآتها الوقائية لنتغلب على كل ما ينقص من مناعتنا للوقوف في وجه هذا المرض فالمسؤولية تسير مع القوة والقدرة .ولكي نخبز ونحصد أفعالنا علينا أن نزرع المسؤولية والإلتزام وأن نوحد الجهود ونوجه البوصلة في هذه الأيام للبيت والأسرة ‘.والنظر إلى التباعد الاجتماعي على أنه “عمل سخي نقدم من خلاله الخير لأنفسنا وللآخرين .وأنه لم يتم وضعه لتقييد حريتنا، بل وضع لضمان سلامتنا والحفاظ على حياتنا وحياة من نحب، وهو إجراء الهدف الوحيد منه تقليل نسب العدوى وحماية الأشخاص الأصحاء من الإصابة، ومع تطبيق العزل المنزلي والتباعد الاجتماعي، سيكون من الممكن معرفة الحالات المصابة، وتجنب نقل العدوى منهم إلى الآخرين .فمن السهل تفادي المسؤوليات ولكن من الصعب تفادي النتائج المترتبة على ذلك.