تلعب المبادرات المجتمعية دوراً إيجابياً في خلق المنافسة الفاعلة بين الأفراد والمؤسسات، حيث تبرز قدرة المجتمع على الالتزام وتحمل المسؤولية والنهوض بالواقع والاستجابة للتحديات التي تواجهه، وتدفعه للبحث الدائم عن الأساليب التي سترفع من شأنه على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، والتفكير بإيجاد الحلول بدلاً من الغرق بالسلبية والتواكل والتهميش، وقد اعتبر الكثيرون ثقافة المبادرة ركيزة من ركائز الاقتصاد.
أهمية المبادرات وفاعليتها تكمن في الظروف الطارئة والاستثنائية وخلال الأزمات العصيبة حيث يكون هدفها تحسين ظروف الناس والتخفيف من وطأة الوضع المعيشي الصعب ومن لهيب الأسعار المتصاعد الذي يرهق كاهل المواطنين.
والدليل على ذلك المبادرة التي أعلن عنها الاتحاد العام للفلاحين بالتنسيق مع الجمعيات الفلاحية في المحافظات، ببيع الخضراوات والفواكه إلى المستهلك بأسعار الجملة، أي من المنتج إلى المستهلك مباشرة، من دون حلقات الوساطة، حيث يقوم الاتحاد بدور الوسيط وينقل الخضراوات والفواكه عن طريق الجمعيات الفلاحية من المنتج إلى المستهلك من دون أي أرباح، ويتحمل أجور النقل متبرعون يعملون تحت إشراف الاتحاد، حيث يتم النقل من أرض الإنتاج إلى محافظة أخرى ليس لديها إنتاج كافٍ.
رغم أن المبادرة لا تزال قيد التجربة، فقد بدأت بوادر نجاحها تظهر على الأرض بحسب رأي القائمين عليها، وهي تهدف إلى إلغاء دور الوسيط التجاري وتأمين المواد للمواطنين من خلال نقلها بشكل مباشر من المنتج إلى المستهلك وبأسعار أقل من السوق، وقد بدأت التجربة بنقل البطاطا من طرطوس إلى ريف دمشق والقنيطرة، إضافة لشحنات كوسا وبندورة من طرطوس إلى ريف دمشق أيضاً، وكذلك شحنات بصل من حمص إلى ريف دمشق.
المبادرات المجتمعية ضرورة حضارية واجتماعية واقتصادية لأنها تدل على تماسك المجتمع وتلاحم أفراده وقوة مؤسساته، لذلك يجب تفعيل مبادرة اتحاد الفلاحين الهادفة لكسر الحلقة الوسيطة بين الفلاح والمستهلك والتوسع فيها وتقديم الدعم البنّاء لمساعدة المبادرة ورعايتها وتعزيزها ومأسستها وتبنيها، وتحفيز القائمين عليها والترويج لها كنموذج، والتنسيق بين الجهات المعنية وتقديم المقترحات اللازمة لتحقيق انسيابية استلام المنتجات الزراعية من الفلاحين وإيصالها بشكل مباشر للمستهلك بعيدا عن حلقات الوساطة، بما يحفظ حقوق المزارعين ويضمن عرضها بأسعار مناسبة ولاسيما أن هناك ٦ آلاف جمعية تعاونية على مستوى القطر يمكن إشراكها في العملية.
أروقة محلية – بسام زيود