عبد الحليم سعود
لم تكن الاعترافات الفضيحة التي نشرها الجيش الليبي لإرهابيين ومرتزقة نقلهم نظام أردوغان من محافظة إدلب إلى ليبيا لاستخدامهم هناك في أجندته الاستعمارية بالخبر المفاجئ أو المستغرب، فمنذ بدأت الحرب الأطلسية على ليبيا مطلع العام 2011 اضطلع نظام أردوغان الإرهابي الطامح لاستعادة “أمجاد” عثمانية غابرة بدورين أحدهما وظيفي كلفته به واشنطن، والآخر خاص به أملته عليه أطماعه ورغباته في التوسع وسرقة ونهب ثروات شعوب المنطقة.
لم يعد سراً مخبوءاً ذلك التقاطع الكبير بين الجماعات الإرهابية “الإخونجية الانتماء والممارسة” التي تستولي على العاصمة الليبية طرابلس وبين نظام أردوغان الذي يعتبر اليوم الأب الروحي لكل الجماعات الارهابية التي تسير على هذا النهج المشبوه، من المغرب غرباً إلى قطر شرقاً ومن اليمن جنوباً إلى شمال وشمال غرب سورية، حيث كشفت الكثير من المعطيات تورطاً تركياً سافراً بدعم هذه الجماعات لحساب أجندات خاصة وإقليمية يمليها الدور الوظيفي المطلوب أطلسياً من أنقرة.
غير أن قيام أردوغان بنقل مرتزقته وإرهابييه من سورية إلى ليبيا يترجم إحباطه من عدم جدوى نشرهم في سورية والاستمرار في دعمهم، بعد أن نظف الجيش العربي السوري معظم الجغرافيا من رجسهم، وجعلهم مصدر قلق للحكومة التركية في حال عودتهم إلى منبعهم، وقد يكون تصرف الإرهابي أردوغان نابعاً من تخوفه من انعكاس انهيارهم الوشيك على مستقبل تركيا، إضافة إلى رغبته في تعويض خسائره على مستوى المنطقة بعد أن انهار مشروع استعادة “الخلافة” العثمانية عبر داعش وجبهة النصرة وباقي المجموعات المشتقة عنهما.
نجاح الجيش الليبي في اصطياد هؤلاء الإرهابيين وعرض اعترافاتهم وتعرية وفضح الجهة التي تقف خلفهم يؤشر إلى فشل نظام أردوغان بتحقيق طموحاته في ليبيا، واقتراب حلميه الإخواني والعثماني من السقوط على مساحة المنطقة بعد أن سقطا في مصر وتونس واليمن وسورية، ويفسر العبثية التي دخلها النظام التركي في تعاطيه مع تطورات المنطقة، بعد أن لمس العالم عبثيته في الداخل التركي بسبب تآكل شعبيته.