السادس من أيار هو يوم تاريخي أغر، تحيي فيه سورية بكل عام ذكرى عيد الشهداء الذين أعدمهم الاحتلال العثماني في دمشق وبيروت على يد السفاح جمال باشا عام 1916 لأنهم دافعوا عن عزة الأمة وكرامتها وهويتها لتصبح أعمدة مشانقهم منارة تهتدي بها الأجيال القادمة، ولم يكتفِ السفاح بذلك، بل تم تنفيذ أحكام النفي قرابة ثلاثمئة أسرة في سورية ولبنان وترحيلهم إلى الأناضول حيث وزعوا في مدنه وقراه.
في محراب الشهادة تقف الكلمات عاجزة عن وصف فضائل الشهداء لأن صون الحقوق لا يكون بغير الشهادة، ولا يرد العدوان ويهزم الغزاة دون الشهادة, فقافلة الشهداء تلك لم تكن الأولى ولا الأخيرة، بل سبقتها قوافل عديدة من الشهداء الذين ارتقوا في مجابهة الغزاة والقوى التي جاءت إلى منطقتنا عبر مراحل التاريخ المختلفة محتلة وطامعة وغازية، وتتالت قوافل الشهداء بعد ذلك في مرحلة مواجهة الاستعمار الفرنسي، وسقط على مذبح الحرية آلاف الأبطال من الشهداء الذين سطروا ملاحم بارزة ودروساً في الشهادة والدفاع عن الوطن وحريته، هؤلاء الشهداء رفضوا الاستسلام لأي عدوّ, وطلبوا الشهادة ونالوا شرفها فردعوا العدوان وهزموا الغزاة حتى يعيش وطنهم بعزة وكرامة, حيث ستبقى دماؤهم الطاهرة نبراساً منيراً يضيء دروب الحرية لكل الأجيال اللاحقة.
في ظل الهجمة الصهيونية والأميركية الظالمة والتحديات الماثلة، ما أحوجنا للتذكير والاستذكار بشهدائنا الميامين وبأبطالنا العظماء, لنستمد من مواقفهم وبطولاتهم القوة والمنعة والصبر والعزيمة والإيمان والثبات, ونستلهم العبر والدروس من الملاحم البطولية والانتصارات التي سطرها أبناء شعبنا عبر تاريخ أمتنا الحافل بالتضحيات، فالشعب الذي يملك أبناؤه إرادة الصمود والتصدي, إرادة التضحية والشهادة، هو الشعب الذي يملك حتمية النصر والبقاء، فمسيرة الشهداء انطلقت منذ أن وجدت سورية وستبقى مستمرة حاضراً ومستقبلاً للدفاع عنه بوجه المطامع الخارجية ولتحافظ على حريتها وسيادتها واستقلالها، ولا خوف من الطامعين في وطننا طالما أننا مؤمنون بقضية من استشهد لأجلنا ومستمرون على نهجهم بالدفاع عنها، مهما غلت التضحيات، فمسيرة الوفاء والصدق والكرامة الوطنية والعزة مستمرة من أجل تحقيق انتصارات جديدة من أجل تحرير جولاننا وبقية أراضينا العربية المحتلة واستعادة الحقوق المغتصبة.
أروقة محلية – بسام زيود