يتّفق الجميع بأن ضرب الفساد بكل أشكاله ورموزه هو المدخل الرئيس والوحيد لإيصال الدعم لمستحقيه وكسب ثقة المواطن الذي يعدّ مؤشر حكوماتنا المتعاقبة في الرحلة للبحث عن آليات هذا الدعم ومكوّناته.
لكن ما نراه خلال السنوات الماضية أن إيصال الدعم لمستحقيه ضاع بين المصطلحات التي تارة أُطلق عليها عقلنة الدعم وتارة أخرى توجيه الدعم وفق أولويات حكومية وبذلك كانت أي خطوة تتخذها الجهات الوصائية بدلاً من أن تسير بالاتجاه الصحيح لتحقيق الهدف تعطي نتائج سلبية على الفئات المستحقة بالفعل لهذا الدعم.
فما يحدث بالواقع هو تقليص فاتورة الدعم سنوياً وهذا ما نراه في الموازنات رغم التأكيد الحكومي على زيادة الدعم الاجتماعي فالهدف من أي خطوة للدعم تحقيق وفر مالي إلا أن هذا الوفر لا يحقّق تخفيضاً بالأسعار ولا إيصال الدعم للشرائح المجتمعية الفقيرة وهذا خلق ردّة فعل بل تخوّفاً لدى المواطن تجاه أي قرار يخصّ الدعم.
وهذا يؤكد أن سياسات الدعم السابقة وحتى الحالية أثبتت فشلها ولم تجد نفعاً وليس آخرها إلغاء الدعم عن السيارات فوق ٢٠٠٠ cc الذي اعتبره البعض اعتباطياً رغم كل المبررات التي تؤكّد توفير مبالغ مالية ستعود بالنفع على الفئات المستحقة وبالتالي تحديد من هي الفئات المستهدفة للدعم.
ما يجب العمل عليه إيجاد مقاربة تركّز على تعويم العدالة الاجتماعية، لذلك المطلوب في هذا الوقت تحديداً مشاركة الناس بالتفكير بآليات الدعم وكيف يمكن إيصاله لمستحقيه وهذا يحتاج أيضاً إلى إعادة توجيهه بالشكل الذي يخفّف عن الشرائح الاجتماعية المعوزة التي يزداد فقرها يوماً بعد يوم لأسباب مختلفة منها الحرب التي أسهمت في تراجع الإنتاج والنمو الاقتصادي.
والأهم كما قلنا بداية محاربة الفساد الذي يحتاج قبل البرامج والاستراتيجيات إلى إجراءات قاسية ومباشرة والبدء بالمحاسبة بعيداً عن المصالح الشخصية والمحسوبيات كونه أي “الفساد” يفوّت على الخزينة المليارات التي من شأنها أن توظّف لتوجيه الدعم لمستحقيه وتحسين المستوى المعيشي للمواطن.
الكنز – ميساء العلي