ثورة أون لاين- يمن سليمان عباس :
انشغل المنظرون العرب بمصطلحات النقد الغربي ، من الحداثة إلى ما بعدها ، وما في الجعبة من مصطلحات ، هي وليدة الأدب والفكر الغريبيين ، لكنها بحكم المركزية الغربية التي تريد أن تكون نقطة التوزيع ، قد انتشرت في الثقافات الأخرى ، ومنها الثقافة العربية ، وطفى على السطح النقدي استخدام مصطلحات هجينة ، بعض مستخدميها لايعرفون معناها ولا عمقها ،ومنها الحداثة وما بعدها، حتى جاء عصر الترجمة بدقة وعمق وتصدى مترجمون أكفاء لنقل أغوار المصطلحات الى اللغة العربية ، من خلال ترجمة عيون الكتب التي تبحث في المصطلحات، من هذه الكتب المهمة التي نقف عندها اليوم ،وقد صدرت عن دار التكوين بدمشق , التي يديرها الشاعر سامي أحمد ،كتاب (الحداثة )تأليف : بيتر تشايلدز، ترجمة د. .باسل المسالمة .
يقدم المؤلف في كتابه سلسلة من القراءات النقدية المترابطة لنصوص الحداثة الانكليزية والاميركية ، وتقدم النظريات التي نوه اليها الكاتب مثل نظريات نيتشه وفرويد وداروين وسوسيوروماركس ،قاعدة اساسية لفهم الأدب والفن في تلك الحقبة .
يحلل كتاب الحداثة هذه الحركة الحداثية من منظور الادب الانكليزي والاميركي ،فهو يقدم مراجعة نقدية لمرحلة الحداثة في الادب من خلال ربط النصوص بالذكر اصرار الكاتب على الغوص في اعماق مصطلح الحداثة الذي يعد من اكثر المصطلحات جدلا وغموضا في بدايات القرن العشرين .
ويتناول هذا الكتاب كيفية قراءة وتحليل نصوص حقبة الحداثة ، وقد حقق الكاتب ذلك من خلال إسقاط الضوء ، ليس فقط على أدباء ومفكرين ساهموا في صياغة مصطلح الحداثة مثل نيتشه وفرويد وداروين وسوسيور وماركس ، بل أيضاً على وسائل وتقنيات الأدب ومراحل التطور التي مرّ بها الشعر والنثر والمسرح والقصة القصيرة وحركات الفن والسينما .
إنّ ما يميز هذا الكتاب هو توسع الكاتب في تناول أبعاد الحداثة ونشأتها منذ بداية القرن العشرين إلى ما بعد الحداثة.
يقع الكتاب في 269 صفحة من القطع المتوسط ، نذكر من عناوينه :التأويل والتغيير ،الأاجناس الأدبية والفنون والسينما , النصوص والسياقات والتناص .
ما الحداثة ؟
جوابا على ذلك يقول المؤلف : تراث جديد فهو تجريبي ومعقد من حيث الشكل ، يميل للحذف ويحتوي على عناصر ابداعية وغير ابداعية ,،كما انه يميل إلى ربط مفاهيم تحرر الفنان من الواقعية والمادية والنوع والشكل التقليدي ،بمفاهيم سفر الرؤيا الثقافية والكوارث، ويمكننا أن نجادل الحداثة الرمزية وما اذا كانت قد انتهت والحداثة الجديدة.
أما ما بعد الحداثة فقد جاءت ردة فعل على ما تظاهرت به الحداثة ، والحداثة كانت تحاول قطع فروعها مع الماضي من خلال طرحها طرائق جديدة تماما ، وبهذا نفهم الحداثة من خلال ما تختلف عنه ، فالحداثة تخبر عن الشيء بما ليس هو ، وكذلك ما بعد الحداثة ،لهذا كافح الكتاب الحداثيون لتعديل أنماط التخيل السائد ، والتعبير عن ‘حساسات جديدة في ذلك الوقت في ادب المدينة المكثف والمعقد وادب الصناعة والتكنولوجيا، وأدب الحرب والآلات والسرعة ,،,ادب الاسواق والاتصالات الدولية والمرأة الجديدة ،وادب الجماليين والعدميين وادب من يجوب الشوارع.