ثورة أون لاين- عزة شتيوي:
من يكترث لخطاب ترامب هذه الأيام ؟! تكاد تمر تصريحاته في الإعلام كفاصل على هيئة خبر ترفيهي.. النكتة الأكثر تداولاً في زمن كورونا رغم نكبة العالم “اشربوا الديتول”… قد يدخل ترامب ذاكرة التاريخ من البوابة الساخرة ذاتها التي دخلت منها ماري انطوانيت وعبارتها الشهيرة في ذروة جوع شعبها..”لا يوجد خبز فليأكلوا البسكويت”..
العالم في أصعب مراحله.. نفق الفايروس المظلم لا تبصر تصريحات الصحة العالمية النور في آخره.. بل دفعتنا بالأمس لمزيد من الحذر والتساؤلات “قد يبقى معنا كورونا إلى الأبد” لكنها أيضا دفعت ترامب إلى جنون أكبر.. يريد تحريك عجلة الاقتصاد لمصلحته.. انتخاباته فوق آلاف الجثث في بلاده وملايين الإصابات والوفيات في العالم..
يحاول ترامب تشغيل محركاته الاقتصادية المتعطلة لاستعادة بعض أوراقه الانتخابية من الشرارات السياسية.. غامر ترامب بدفع وزير خارجيته مايك بومبيو لزيارة نتنياهو فعاد إليه وأثر حجر الانتفاضة الفلسطينية واضح على ملامحه السياسية المتعفرة.. انتهت زيارة بومبيو بأسرع مما بدأت.. الجواب على تأييد واشنطن ضم الضفة وغور الأردن لإسرائيل.. انقلب على سحرة الكيان المحتل غضباً من عيار انتفاضة فلسطينية بدأت تشتعل.. والخطوات الأميركية الإسرائيلية التي رتبت للتصعيد ضد إيران بقيت متعثرة..
إيران التي تحاصرها واشنطن بالعقوبات صفعت البنتاغون العسكري عشرات المرات.. الصفعة الكبرى كانت بضرب القوات الأميركية في قاعدة عين الأسد الاحتلالية، والصفعة الأهم هي بتطورها التكنولوجي وإطلاق القمر الصناعي مؤخراً.. وقد تدرك أميركا أن مزيداً من الصفعات تنتظرها في بحر الخليج.. فأي الأوراق تستخدم واشنطن ضدها؟!
ترامب يناور على جميع الجبهات وقد يقامر.. حتى في سورية يبحث عن معابر للتصعيد يعبث بخيوط المرحلة ويناور من البوابة الإنسانية بالضغط لإدخال الأسلحة للمرتزقة من قسد وغيرهم ممن يسمون أنفسهم (المغاوير).. بحجة الوباء.
في الوقت الذي قد يتسرب هذا الفايروس من قوافل الجنود الأميركيين التي تدخل من المعابر غير الشرعية إلى سورية.. الأكثر من ذلك أنه يلوح بـ(قيصر) وتمديد العقوبات للضغط أكثر على الشعب السوري الذي يكاسر هذه المرحلة الصعبة بمزيد من الصبر والمواجهة للحرب الإرهابية عليه والحروب على لقمة عيشه وعلى صحته أيضاً.. دمشق التي صمدت عشر سنوات في وجه أكبر تحالف دولي باتت خطواتها العسكرية والسياسية أكثر ثباتاً في الميدان والمحافل الدولية.. بلغ الغرب ومعهما “اسرائيل” ذروتهما في العدوان عليها.. وبلغت سورية أوج الانتصار ولا نبالغ إن قلنا إنها حطمت في مقاومتها وصمودها رقماً قياسياً من الصعب تجاوزه في حسابات أي تصعيد آخر ضدها…
يهرب ترامب من فشله الداخلي بإدارة أزمة كورونا إلى المنطقة ويخطف المشهد إلى الشرق الأوسط هرباً من الأضواء الانتخابية التي تكشف تراجع الشعبية له إلى ما وراء خصومه.. يستغيث بإسرائيل ويحاول التصعيد وافتعال الحرب بأيد مرتجفة هنا في المنطقة..
ربما تضحك ماري انطوانيت من عمق غبار الأزمنة، فالرئيس الأميركي أي ترامب الذي اتبع سياستها في ارتجال الحلول واجتراحها.. لم ينصح بأكل البسكويت بل بشرب المعقمات… ويسكر (بالديتول) السياسي فوق صندوق انتخابه أيضاً!!.