الثورة أون لاين : جدير بنا أن نكرم أدباءنا وهم على قيد الحياة، نحتفي بهم بالدراسة أو بالجوائز أو بأي مظهر من مظاهر التكريم والاهتمام وقد درج اتحاد الكتاب العرب على تقليد سنوي جميل يكرم فيه مجموعة من الأدباء سواء باحتفال أو بنشر دراسات وكتب عنه في سلسلة "أدباء مكرمون " أو سلسلة "أعلام" في هذا الإطار يأتي كتاب الدكتور عمر الدقاق السيرة-العطاء الصادر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق وهو من تأليف مجموعة باحثين.
عمر الدقاق رحلة عطاء
ولد عمر محمد الدقاق بحلب في 17/9/1927 ورضع لبان حليبها حياة وعادات وجدية والتزاماً ومازالت حلب تتفجر بينابيع العطاء وترفد المعرفة البشرية بالتحف السنية على الصعيدين المادي والمعنوي فقدمت لابنها ما تحتاج إليه منذ أن دخل الكتاتيب وهو يدرج في سنوات الطفولة ليتزود منها بالتراث والأدب العربي وحفظ القرآن الكريم إلى أن أصبح طالباً في مدارسها حتى التحق بكلية الآداب في جامعة دمشق التي تأسست 1946 وكان ضمن أول دفعة تخرجت فيها فنال شهادة الإجازة في الآداب ثم دبلوم التربية والتعليم من جامعة دمشق سنة 1950 فعين مدرساً في ثانويات حلب 1951- 1956 ولم يلبث أن أوفد إلى معهد الدراسات العربية التابع للجامعة العربية بالقاهرة فحاز منه سنة 1960 شهادة الماجستير بموضوع الاتجاه القومي في الشعر المعاصر بدرجة امتياز، وعاد بعدها إلى حلب فعمل مفتشاً للأدب العربي في وزارة التربية، وشارك في تأليف الكتب المدرسية للمرحلة الثانوية مثل كتاب الأدب العربي الحديث للصف الثالث الثانوي للفرعين الأدبي والعلمي لعام 1963- 1964 وكتاب القواعد للصف الرابع من دور المعلمين والمعلمات 1964- 1965، وحين كان همه طلب العلم وتطوير ذخيرته الثقافية والأدبية والعلمية حرص على نيل شهادة الدكتوراه فحازها من جامعة عين شمس سنة 1966 برسالته شعراء العصبة الاندلسية في المهجر بدرجة الشرف الأولى ثم رجع إلى حلب وعين في جامعتها قسم اللغة العربية وآدابها أستاذاً ثم ترأسه عدة مرات.
وتسلم عمادة كلية الآداب بحلب ورئاسة قسم اللغة العربية بجامعة قطر وفي أثناء ذلك كان عضواً أساسياً في جمعية العاديات بحلب إذ ترأس مجلتها عاديات حلب 1975 وعضواً مؤسساً في اتحاد الكتاب العرب 1969 ورئيساً لفرع الاتحاد بحلب 1976- 1980 و 1983- 1993 فضلاً عن انتخابه في مرحلة التأسيس عضواً في المجلس المركزي للاتحاد فهو عضو في جمعية النقد.
شهادات
الأشتر: جيلنا يكرم فيك…
ومما قاله الراحل الأشتر: في يوم تكريمك أحس أن جيلنا كله يكرم فيك… جيلنا الذي عمل فوق ما في الوسع حتى كلّت يداه، جيلنا الموسوم بالحيرة بما حمل من إصرار الهزائم المتتالية جيلنا الذي أصمت سمعه طبول الحرب على امتداد العمر والذي نام يوماً على أن مسالمة الغزاة خيانة وأفاق على أنها عند المهرولين من قومنا، الخيار المفضل.
هذا الجيل لفتّ أنت بعملك الدائب نظر محبيك إليه واستدعيتهم إلى إنصافه وفهمه وتكريمه فبهذا المعنى كما ترى يرتفع تكريمك إلى أفقه الإنساني الصحيح إذ ينضم إليك فيه جميع العاملين عملك والساعين سعيك إلى إحلال العلم محل الشطارة والفهم محل الفهلوة والعمل محل التسلق والحوار محل الادعاء والتزام القيم محل السفه.
إنك اليوم تستدعي إليك جميع الذين عملوا في بناء هذا الوطن العظيم الذي أحبوه مثخناً بالجراح وتمنوا دائماً أن يبلغ فيهم من مرتبة الإنصاف بعض ما بلغوا فيه من مرتبة الحب.
د. عيسى العاكوب: غيث دقاق
نحن حين نتكلم عن الدكتور الدقاق لا نتكلم على سحابة صيف عن قريب تقشع كما تقول ذاكرتنا الشعرية بل نتكلم على غيث دفاق غمر الأرض فأنبت الغرس وثبت الأصول وأطال الفروع وأطاب الجنى.
وإذا كان بعض الأقدمين يقول عن كتب الجاحظ إنها تعلم العقل أولاً والأدب ثانياً فإننا نقول عن كتب الدكتور إنها تعلم الأدب أولاً والعقل ثانياً، ونحسب أن مقالتنا هذه في كتب الدكتور الدقاق أكثر انتصاراً لإنسانية الإنسان من مقالة صاحب الجاحظ في مؤلفاته ذلك لأن الأدب والتأديب في المفهوم الذي نتبناه وندعو له خلّة افتخر بها سيد الإنسانية كلها محمد عليه الصلاة والسلام إذ أجاب من سأله من أدبك؟ قائلاً: أدبني ربي فأحسن تأديبي.
د. نضال الصالح: مواقع متعددة
شغل الأستاذ الدكتور عمر الدقاق منذ خمسينيات القرن الفائت مواقع ثقافية مهمة في سورية منها موجه للغة العربية وعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة حلب وأمين سر جمعية العاديات ورئيس فرع اتحاد الكتاب العرب وعضواً في لجنة النثر بالمجلس الأعلى للفنون والآداب في سورية وأشرف على عشرات رسائل الماجستير والدكتوراه في جامعة حلب وفي الجامعات السورية الأخرى، كما شارك في لجان تحكيم عشرات الرسائل الجامعية للمرحلتين أيضاً.
ولابد من الإشارة إلى أن الكتاب يقدم شهادات لمجموعة من الكتاب والإعلاميين نذكر منهم: ديب علي حسن- محمد قاسم الخليل- حسن حميد- د. وليد مشوح- د. جمال طحان- إحسان الكيالي- د. عبد الهادي نصري- نقولا زيادة وغيرهم.
الثورة أون لاين – يمن سليمان عباس