لقد ثبت على مر كل العصور، أن الإبداع التشكيلي، من أعظم وأبقى الفنون، ولهذا أقيمت له متاحف في كل أنحاء العالم، وهنا تبرز إشكالية كبيرة ناتجة عن اعتقاد خاطئ مفاده أن عبارة: فن تشكيلي ، تطلق فقط على اللوحات الفنية الحديثة والمعاصرة، أي التي انتجت منذ منتصف العقد الأول من القرن العشرين، وتتكرس المغالطات أكثر فأكثر، حين نعلم أن الاعتقاد العام، يضع النحت والفسيفساء والحفر وسواه، خارج إطار الفنون التشكيلية. والحقيقة أن الفن التشكيلي، بدأ منذ العصور الغابرة في فجرالتاريخ (في الرسم على جدران الكهوف والنحت والفسيفساء والحفر وفي تشكيل البسط والسجاد والخط والزخرفة والزجاج المعشق وغير ذلك..)..
ولقد برزت منذ مطلع القرن العشرين مظاهر المزاوجة ما بين الفنون التشكيلية القديمة والحديثة، ومنحتها إيقاعات جديدة، قريبة من جماليات اللوحة الفنية المعاصرة. كما عبرت العديد من الأعمال التشكيلية المعاصرة عن عمق العلاقة الجمالية المتبادلة والمتداخلة بين الإيقاعات الزخرفية السجادية وبين العناصر التشكيلية الحديثة والمعاصرة. والفنان المعاصر، يجب ألا يهتم بإبراز التناظر الهندسي المتبع في الزخرفة العربية القديمة، لأن الإيقاع الزخرفي في اللوحة المعاصرة، يأتي من خلال وضع اللمسة اللونية العفوية وموازنتها مع الأخرى، وليس من خلال المعالجة العقلانية التي تنسج المساحة والدقة الهندسية الباردة.
هكذا يعمل الفنان المعاصر في لوحاته، على إيقاظ التراث التشكيلي القديم المنتمي لعصور متعاقبة، وبالتالي يدخل المشاهد في احتمالات الزخرفة اللونية العفوية، ويتجاوز الخطوط والزوايا والمربعات، ويركز اهتمامه على زخرفة كامل مساحة اللوحة بضربات ولمسات وحركات لونية بعيدة عن الرزانة والتناظر الهندسي.
ويمكن القول إن الرسم الفطري التشكيلي الشعبي، تأسس على أساليب وتقنيات سبقت مجيء كبار الفنانين المحدثين في أوروبا بقرون. وفي خطوط الأزياء الحديثة، هناك عودة دائمة الى الأزياء الشعبية القديمة، التي لم تكن وليدة مصادفة بقدر ما هي متاثرة بألوان البيئة والمكان الجغرافي، وهنا تكمن أهمية توثيق الأزياء الشعبية المحلية، للعودة إليها في خطوات الاستيحاء والاستلهام والاستشراف .
رؤية – أديب مخزوم