قدر سورية أن تواجه الإرهاب بكل فصوله وأشكاله وعناوينه، وقدرها أن تنتصر في كل مواجهة يفرضها محور العدوان، وعند كل انتصار سواء في الميدان أم في السياسة يلجأ رعاة الإرهاب لإعادة ترتيب أوراقهم العدوانية وتوزيع الأدوار المناطة بأدواتهم، ومن هنا فإن الولايات المتحدة غير القادرة بعد على استيعاب فشل مشروعها الاستعماري تعمد لوضع خطط جديدة تحاول من خلالها استكمال ما عجزت عن تحقيقه خلال سنوات الحرب الإرهابية الماضية، ويتضح من ذلك أن محاولات استهداف سورية لن تتوقف طالما بقيت متمسكة بنهجها المقاوم، وطالما بقيت حجر العثرة أمام تنفيذ المخططات الصهيونية والأميركية في المنطقة.
المساعي الأميركية الحثيثة إلى جانب الإجراءات العدوانية التي يقوم بها نظام المجرم أردوغان لجهة إعادة استنساخ تنظيمات إرهابية جديدة في إدلب ومنطقة الجزيرة، إضافة إلى حملات التضليل الإعلامي لمحاولة تسميم صورة العلاقات الاستراتيجية بين سورية وحلفائها، وأيضاً تشديد إجراءات الحصار الجائر المفروض على الشعب السوري تعطي بعداً مركباً لماهية العدوان المتواصل على سورية، والرامي بالدرجة الأولى إلى إنقاذ ما تبقى من فلول الإرهاب لمواصلة استنزاف قدرات الجيش العربي السوري باعتباره القوة الحقيقية الوحيدة التي تحارب الإرهاب الوهابي التكفيري، وهذا الإرهاب هو بالأصل أحد الأدوات الرئيسية التي تتكئ عليها الولايات المتحدة لتنفيذ مخططاتها التدميرية.
انتهاكات النظام التركي المتكررة لتفاهمات “سوتشي وآستنة”، ولكل القرارات الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب تصب في خانة الرغبة الأميركية لتكريس إدلب بؤرة دائمة للإرهاب وسحبها من دائرة التفاهمات مع الجانبين الروسي والإيراني لوأد مسار “آستنة”، والانقلاب على اتفاق موسكو الأخير كمحاولة عبثية لإخراج حلفاء سورية من معادلة الحل السياسي، وإعادة إحياء مسار جنيف العقيم لتمكين الولايات المتحدة من التحكم بكل جزئياته ومفاصله بما يتوافق مع أجنداتها العدوانية، وكل ذلك مقابل إطلاق يد المجرم أردوغان لتوسيع نطاق عدوانه وإقامة الجدران ” العازلة” في المناطق التي يحتلها تمهيداً لابتلاعها وعزلها عن محيطها الجغرافي، وبالتالي محاولة فرض مشروع التقسيم الذي أعدته دوائر استخبارات العدو الصهيوني.
التأكيد الروسي الجديد على ضرورة تنفيذ الاتفاقات حول ادلب والذي جاء على لسان الرئيس فلاديمير بوتين، لا يخلو في مضامينه من الإشارة إلى الانتهاكات التركية لتلك الاتفاقات التي لم تكن لتحدث بحال كان نظام اردوغان قد التزم بها، لا سيما وأنه الضامن الرئيسي للإرهابيين، ويملك وكالة أميركية لإدارة دفة اعتداءاتهم وعملياتهم الإجرامية، واليوم بات يزاحم النظام السعودي على الاستئثار بكل ” الواجهات السياسية” التي تمثل اولئك الإرهابيين تحت مسمى ” معارضة” لتكون تلك ” المعارضة” المتحدث الرسمي باسمه نيابة عن أقطاب العدوان على طاولات الحل السياسي في مراحل لاحقة.
المحتل الأميركي يراكم مخططاته العدوانية، وأدواته ومرتزقته يسارعون لمحاولة تنفيذها على الأرض، ولكن مصير تلك المخططات لن يكون أحسن من سابقاتها، فالدولة السورية تملك من الإرادة والتصميم ما يكفي لإفشال كل مشاريع الأعداء، ودحرهم عن كل شبر أرض يدنسوه برجسهم، سواء كانوا أميركيين أم أتراكاً أم صهاينة، أو من التنظيمات الإرهابية العميلة لهم، فمستقبل سورية يقرره أبناؤها الشرفاء فقط.
نبض الحدث-ناصر منذر