لاداعي للموظف أو الموظفة أن يمسكا ورقة وقلم ليحسبا، قائمة احتياجات الأسرة، ويصنفانها لأولويات، يلغيان بعضها ويضيفوا بعضاً آخر.
لا داعي أيضآ أن يخططا للمناسبات، سواء الأعياد، أو النجاح، أو حتى السفر بقصد السياحة، فالسياحة إلى الحديقة المجاورة للبيت أصبحت بعيدة المنال.
الموظف والموظفة راتبهما محدود، سواء ارتفت الأسعار أو زادت أجور النقل، ليسا كأصحاب المهن والحرف، لا يستطيعان رفع راتبهما كالتاجر وصاحب المهنة، فالتاجر والبائع يرفعان الأسعار حسب تغيرات السوق، وكذلك عامل الصحية والخياط وأي صاحب مهنة، قد يؤثر الغلاء على جميع أولئك لكنه بالنسبة للموظف والموظفة الأمر مختلف، غلاء دون زيادة في الراتب.
فيما مضى، كانا يجلسان يحسبان، يشارك أحدهما في جمعية، يسحب الآخر قرضاً، وجميع الموظفين يستبدلون سلعة بأخرى أرخص، يعتمدون على المونة، وعلى لباس البالة، يتأقلمون مع استراتيجيات متاحة مع الأسعار السائدة وقيمة الليرة، لكنهم اليوم استنفذوا كل تلك الاستراتيجيات، وبات التأقلم مع المرض أسهل من التأقلم مع قيمة راتبهما.
لم يعد ينفع أي حساب أو تخطيط، ولا أي آلة حاسبة، أو ورقة وقلم، لموائمة الدخل مع أساسيات الطعام والشراب بأسعارها الحالية، فكيف اللباس والتنقل والتعليم وزيارة الطبيب في حالة المرض؟!.
لو فكرت الزوجة الموظفة وخططت وأعادت ترتيب مشترياتها، حتى لو لم يكن أفراد أسرتها أربعة بمن فيهم زوجها، لن تستطيع أن تدخل اللحمة أو الدجاج إلى طبخاتها، وإذا لم يكن عندها بضع شجرات من الزيتون قد لا تستطيع إدخال وجبة الزيت والزعتر لطعام أسرتها.
ترك الأزواج الموظفون قبل غيرهم الورقة والقلم لحساب قدرتهم الشرائية، لأنهم لن يشتروا إلا ما يتيحه الراتب، حتى لو كان خبزاً حافاً، أو بعض الخضار الذابلة والمتبقية من يوم سابق في محل الخضار.
لينا ديوب – عين المجتمع