أميركا هي الخطر الأكبر على العالم، بدوله وشعوبه وحكوماته ومؤسساته وهيئاته الدولية، هي من تصنع الإرهاب، وتستنسخ منه أشكالاً لا تحصى من التسميات، تنشر الحروب والفوضى، وتخلق العديد من الأزمات لزعزعة أمن واستقرار هذا العالم، وهذه حقيقة تثبتها سخونة الأحداث الراهنة على أكثر من جبهة دولية.
نزعة البلطجة المتفاقمة لدى إدارة ترامب الحالية تعكس حالة الهيجان المغلفة بهواجس ومخاوف كبيرة من قرب انتهاء عصر الهيمنة والقطبية الأحادية، نظراً لتراكم الفشل الذي يصيب المخططات الأميركية بأكثر من اتجاه رغم فائض القوة المتغطرسة التي تمتلكها الولايات المتحدة، وهذا يجعل منها وحشاً مفترساً أكثر تعطشاً للبطش والانتقام، ولعل الحروب العدوانية – “العسكرية منها والاقتصادية والسياسية والتجارية والنفسية”- التي تشنها على العديد من البلدان توضح صورة هذا المشهد.
سورية لم تخرج من مرمى الإرهاب والعدوان الأميركي، لأنها أحد الأسباب الرئيسية في إفشال المخططات الأميركية، بفعل تصديها الدائم لكل المشاريع التخريبية والمؤامرات التي تحاك لاستهداف دول المنطقة، ومن رحم صمودها وانتصاراتها ثمة ملامح عالم جديد يلوح في الأفق، يبشر بتعددية الأقطاب، وهذا رأي العديد من المسؤولين والمراقبين والمحللين السياسيين، ولهذا نرى هذا التصعيد بحقها، من عدوان مباشر، ودعم لا محدود للتنظيمات الإرهابية، وإرهاب اقتصادي وصحي غير مسبوق، وحملات تضليل ممنهجة، وتجنيد وكلاء وعملاء من حكومات غربية وأنظمة إقليمية لمواصلة استهدافها بشتى الوسائل والأساليب وأشكال الضغط والابتزاز، وهذا يدل على حالة التأزم العاصفة بالإدارة الأميركية لعدم قدرتها على إخضاع سورية، والنيل من إرادة شعبها المقاوم.
أميركا تصب جام غضبها على جميع دول محور المقاومة في المنطقة، وإيران تنال النصيب الأكبر، لأنها لم ترضخ للعقوبات، وباتت قوة عسكرية وعلمية وتكنولوجية رغم الحصار والتهديد، وفرضت مكانتها ودورها الإقليمي والدولي، ووقوفها إلى جانب القضية الفلسطينية والدول المستهدفة أميركياً جعل من الولايات المتحدة عاجزة عن فرض إرادتها ومشيئتها بالقوة، وأضحت تحسب ألف حساب لأي حماقة قد ترتكبها في المنطقة، وهذا فشل آخر للإدارة الأميركية، وهذا الفشل يحاكي أيضاً العجز الأميركي في إركاع دول أخرى تناهض السياسات الأميركية كفنزويلا وكوبا وكوريا الديمقراطية وغيرها، وسيف العقوبات المسلط ضد هذه الدول هو حالة انتقام، لكنها قد لا تشفي غليل الحقد الأميركي.
فيروس كورونا كان له دور أيضاً في كشف حالة العجز الأميركي لجهة التصدي له، وأزاح أميركا عن مشهد الزعامة الدولية لصالح الصين وروسيا، وهذا قد يفتح جبهة مواجهة مفتوحة تنذر بمخاطر كارثية على الأمن والاستقرار الدوليين، والاتهامات المتصاعدة ضد الصين قد تتعدى مسألة تحميلها المسؤولية لانتشار الوباء، وتصل لحدود التصادم في المستقبل، وروسيا ليست بعيدة أيضاً عن الاتهامات الأميركية، والتصعيد ضدها لم يتوقف، وخاصة أن أميركا تعتبرها “خطراً وجودياً”، وتمثل مع الصين الخطر الأكبر على الأمن القومي الأميركي، وانسحاب واشنطن من اتفاقية السماء المفتوحة، والدفع نحو سباق تسلح جديد في هذه المرحلة يشي بأمور وأحداث خطيرة قد تقدم عليها الولايات المتحدة في المستقبل القريب لإشباع نزعة الهيمنة لديها.
نبض الحدث -بقلم أمين التحرير:ناصر منذر