ليس واهماً من يقول: إن عصر الإمبراطورية الأميركية بدأ يغرب، ولكنه لا يقول نصف الحقيقة أبداً، فما غروب الإمبراطوريات الكبرى بهذه السهولة التي تظهر وتبدأ بالتسارع، فما بين بدايات التفكك والانهيار، وتصدع مشاريعها وخططها ثمة مسافة زمنية، قد تمتد عقوداً من الزمن، وربما أكثر و تعمل من خلالها الامبرطوريات على محاولة رأب الصدع ، لكن ما بدأ لن يتوقف ولاسيما حين يتعلق الأمر بمصير العالم كله، وبتحولات كبرى تفرز عالماً جديداً لا يكون تحت رحمة قطب مهيمن واحد، كما هو الآن.
واشنطن في هذه الرحلة الطويلة نحو التصدع كما يظهر جلياً، تكشر عن أنيابها بكل مكان، تصارع للبقاء كما كانت، ثمة أنياب ومخالب ونواجذ تظهر في كل سلوكها العدواني، لا يمكن التنبؤ بما تفعله، فالإدارة التي لا تحترم حياة مواطنيها، ويقف رأس هرمها يفرك كفيه وهو يعدد ما سوف يجنيه من حصاد أرواح مواطنيه، مثل الإدارة لا يمكن أن ترى بما تقوم به إلا أنه عمل يصب بمصالحها العليا.
كيف لها أن تتحدث عن القيم والديمقراطية والإنسانية، وهي تقوم بحرق المحاصيل الزراعية في الجزيرة السورية، كيف لها أن تتحدث باسم الإنسانية وهي التي تحاصر وتجوع شعوب العالم؟
بالتأكيد، هذا التاريخ من الموبقات الكبرى، لن يكون خارج دائرة الحساب، بل هو عربة مملوءة بكل القضايا التي ستكون يوماً ما أمام محكمة الضمير والتاريخ، إن لم تتح للعالم محكمة العدالة الدولية، وإلى أن يكون ذلك وهو ليس ببعيد كما تشي المتحولات الكبرى، إلى ذلك الوقت، نواجذ واشنطن المثلومة أكثر قدرة على الألم والفتك بالعالم، كما السكين المثلومة التي تعذب الذبيحة حتى يكون الخلاص.
والمشهد العالمي يحفل بكل التفاصيل التي على إدارة ترامب أن تعيها، وتعرف أنها ترسم مجرى عميقاً لابد أنه في النهاية عالم جديد، يعرف القيم الحقة بعيداً عن الضخ الإعلامي الكاذب والمتاجرة بكل المثل.
من نبض الحدث – بقلم أمين التحرير:ديب علي حسن