وقتنا مغبرّ كطريق في صحراء
ترصفه الخيول الغاضبة.
ضيق وقتنا لا يتسع لغير تبجيل الخراب
والانحناء لأجوبة قاتلة.
أي جديد في هذا العالم سوى الفراشات تفرّ من أصابع الموتى
سوى الهلاك يسير في عربات مزخرفة
أي جديد سوى أننا لن نلحق بقطار الأمس أو قطار الرحلة السابقة
لنكمل حكاية الوقت
الذي كنا – فيما مضى – نكشّه عن الباب كطائر الغراب
واليوم صار – يكشنا – عن أهدابه.
كما لو أننا ليل طويل لا ينام.
…………………………
وقتنا يطوف على الهواء يشحذ الخبز للأزمنة
كلهم جوعى
الدقائق والساعات
وحجارة الحلم المغمس بالدماء
وشهيق الأمكنة
حتى الظلال التي ودعت نفسها في العراء
وسارت تدق النواقيس وتخنق الأسئلة
وقتنا هرب من الوقت وراح يجول في البلاد الحائرة
لم يجد وجوهنا ولا أسماءنا
فترك أسماءه الكثيرة ومضى
كأننا لا نمت بصلة لهذا المدى
…………………………………….
ضيق وقتنا
والمحطات مكتظة بالمواعيد الميتة
تعبر الجسور
وتمرّ عربات البكاء
ويظل وقتنا جامحا يدوس أشلاءنا
كثور يدهس حقول الحنطة اليابسة
……………………
أيها الوقت
لو تنشد لنا بلاداً لا تهب ّ عليها طواحين الهواء
ووجوها مثل غيمة لا يمطر منها العماء
لو تكتب لنا بحراً
نعبره دون أسماك قرش
دون أزمنة مثقوبة بالحنين والهباء
لو
كنا انتصرنا على الآلهة المربوطة أبد الدهر
خلف انحناءة الميناء
لو ..لا تشبهنا الوحوش أو نحن لا نشبهها
كنا تقمصنا وقتاً
يتسع لأكثر من طابور خامس وعاشر أو مئات.
………………………..
الوقت بطيئاً يمشي في الجرح
والناس حفاة في بهو الآه
………………………..
نخبك أيها الوقت العابر نحو الأرض المستطيلة
لا تصدق أن الأرض تشبهنا
أو أننا نشبه الله
نحن مسوخ لطيور الغابة
مسوخ لأشكال أخرى في الغابة، هل فهمت
وأنت ما زلت أنت
تعبر متكبراً، صلفاً، متجبراً أيها الوقت.
معاً على الطريق – أنيسة عبود