مَن من المواطنين السوريين لم يسمع بشعار معالجة التراكم الضريبي.. ومن منهم لم يسمع بشعار العدالة الضريبية؟.. كلاهما شعاران من ضمن حزمة من الشعارات المالية التي تُحشر في أنوف المواطنين حشراً، ليس ليل نهار للإنصاف وإحقاقاً للحق، بل كلما سنحت الفرصة لذلك..
وعلى الرغم من تحديد مدة زمنية محددة لمعالجة ملف التراكم الضريبي (وهي همة تُحسد وزارة المالية عليها) ولكن المنطق يقتضي الإجابة على سؤال خجول بعض الشيء: كيف وصل التراكم الضريبي إلى درجة تحوله إلى ملف..؟
كثير من الحالات نسمع ونقرأ عنها يومياً، وبعضها نشاهدها عن حالات حجز على بيت مواطن أم سيارته أو أي عقار أو منقول يملكه ضماناً لمبلغ لا يتجاوز فاتورة هاتف، في حين تحفل أروقة المالية بملفات ضريبية غير منجزة، وأصحابها لم يسددوا ما عليهم من التزامات تجاه الخزينة العامة للدولة عبر المالية من دون أن يتخذ أي إجراء بحقهم، في حين كان السداد السبيل الوحيد أمام من اتخذ بحقه الإجراء.
الأبحاث الاقتصادية كافة أكدت خلال الأزمة أن محدودي الدخل هم الأكثر التزاماً بسداد أقساط القروض، ولذلك لم تتم أية مقترحات لجدولة قروضهم مجدداً، أما ضريبة الرواتب والأجور فتقتطع قبل تسليم الراتب، ما يعني التزام الموظف بسدادها، على الرغم من أنه سيسددها ولو لم تُقتطع لأنه ليس في وارد مواجهة المالية..
أما “الإخوة المتراكمون” ضريبياً.. فيبدو أن أملاكهم ليست بيد المالية أو هي في مأمن منها، ليبقى السر الأعظم الشبيه بأسرار مثلث برمودا والمنطقة 51 والجدار الجليدي الفاصل عن الأراضي الأخرى، وهو استمرار المتراكمين ضريبياً في أعمالهم، في وقت يحتاج فيه كل شيء حتى الهواء براءة ذمة من المالية ليجد طريقه إلى المعالجة..!!
لا يكلف المالية لإعادة رسم صورتها بعد كل ما ثبُت لها من تفاعل المواطن سلبياً مع تصريحاتها ومشاريعها إلا قليل من الحزم والمبادرة.. وهو أمر ليس بالعسير.. كما أنه ليس باليسير.. أما ترياقه فهو الإرادة..
الكنز- مازن جلال خيربك