في بداية التطبيق العملي لمعظم الخطوات الجديدة قد تظهر بعض النواقص وربما العثرات التي لم يتم الانتباه لها، وهذا أمر طبيعي يحدث غالباً على اعتبار أن بعض التفاصيل قد تكون غائبة عن المخططين، وعلى العموم يتم تلافيها فيما بعد لتحقيق الفائدة بأقصى حدود ممكنة وبما يوصل إلى الأهداف الأساسية لكل خطوة من تلك الخطوات..
وهنا نقول إنه أمر طبيعي عندما تكون طبيعة المشكلات التي تكشفت بعد الانطلاق بالتجربة من النوع الذي يمكن معالجته من دون أن تؤثر على نوعية الخدمة أو الهدف المراد منها، لكن ما هو غير طبيعي أن يظهر التطبيق العملي مشكلات تحرف التجربة عن أهدافها الأساسية وربما تقلل من أهميتها وتولد عقبات جديدة خاصة تلك المرتبطة بخدمات عامة للمواطنين..!
خدمة الدفع الالكتروني هي واحدة من الخدمات التي تم التمهيد لها بالحديث عن مزاياها وضرورتها وأهميتها في تيسير معاملات المواطنين وتخفيف الوقت والجهد والروتين والانتظار وغير ذلك، لكن ومع أول خطوة عملية تبين أن هناك ما جعل من هذه التجربة عبئاً من نوع آخر على المواطنين أدى إلى حرف الخدمة عن أهدافها الرئيسية..
والسبب يكمن في أن بعض المصارف العامة لم تدخل حتى الآن في منظومة الدفع الالكتروني ربما لأنها لا تمتلك حتى الآن بنية تحتية معلوماتية أو أنها تأخرت في إنجاز هذه الخطوة، وكذلك بعض المصارف الخاصة أيضاً.
إذاً كيف نتحدث عن إطلاق خدمة بهذا الحجم أساس عملها يعتمد على الربط الالكتروني مع المصارف، والتي من المفترض أن تقدم خدماتها لآلاف المواطنين في مختلف المدن والمحافظات، دون أن نكون قد وفرنا لها أحد أهم أسباب نجاحها واستثمارها بالشكل الصحيح؟؟
الأمر هنا أشبه بمن حزم حقائبه للقيام برحلة وحدد يوم وساعة الانطلاق، ليكتشف في الموعد المحدد أن سيارته غير جاهزة..!!
في إحدى مديريات النقل التي تم تطبيق هذه الخدمة فيها ونتيجة لاقتصار العمل على مصرفين خاصين دون باقي المصارف العامة، وقع المواطنون مرة أخرى في شراك السماسرة ومعقبي المعاملات الذي قاموا باستغلال هذا الظرف لصالحهم..!
إن حجم التمهيد الإعلامي والتصريحات التي انطلقت قبل البدء بتطبيق الخدمة والوعود بأنها ستحل كافة المشكلات التي يواجهها المواطنون، لا ينسجم مع ما كشفت عنه الأيام الأولى من التطبيق العملي لهذه الخدمة، إضافة إلى أنها كشفت وبشكل غير مباشر عدم جهوزية بعض مصارفنا العامة للنهوض بمثل هذا النوع من الخدمات الذي يعتبر من أبسط التطبيقات العملية للتكنولوجيا الرقمية..!!.
حديث الناس- محمود ديبو