ثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد:
كيف سيكون العالم في نهاية المطاف بعد جائحة Covid-19 الحالية، لصالح من ستكون موازين القوى؟!، يبدو أن معالم التغيير أصبحت أكثر وضوحاً، هناك مخاوف عميقة، ولكن هناك أيضًا بوادر أمل للتقدم نحو مستقبل أفضل على أي حال.
إن الوفيات العالمية الناجمة عن Covid-19 من المؤكد أنها سوف تزيد، ما يؤدي إلى مزيد من الخراب على الاقتصادات والمجتمعات الوطنية، وإن الدمار الاقتصادي الناجم عن الوباء عالمي النطاق ولكن يبدو أن الاقتصادات الغربية هي الأكثر تضرراً، وتنظر الولايات المتحدة وأوروبا بشكل قاتم إلى السقوط الهائل في اقتصاداتها التي توصف بأنها الأسوأ منذ الكساد الكبير خلال الثلاثينيات.
ليس هناك شك في أن هذا الوباء يُحدث تغيّراً تاريخيا في العالم، حيث يتوقع محللون وأجهزة الاستخبارات (الاقتصادية) أن التوازن الجيوسياسي للقوة الاقتصادية سينتقل بشكل حاسم من الغرب إلى الشرق بعد الوباء، وخاصة التنافس المتزايد بين الولايات المتحدة والصين والتحول في ميزان القوة الاقتصادي من الغرب إلى الشرق.
إن تصعيد الاتهامات الاستفزازية من إدارة ترامب ضد الصين وتحميلها مسؤولية هذا الوباء لا أساس له من الصحة لكن مثل هذا التشويه يتحدث عن العداء الأكثر حدة الذي عبرت عنه الولايات المتحدة تجاه الصين، وهو العداء الذي كان يشتعل منذ سنوات قبل ظهور أزمة الوباء الأخيرة.
لقد كثفت جائحة كوفيد 19 العداء الأميركي تجاه بكين على وجه التحديد لأن الأزمة كشفت ضعف القوة العالمية للولايات المتحدة والتحول الأساسي الذي كان يجري بالفعل بعيدًا عن النظام العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة.
باختصار تزداد مخاوف واشنطن وإحساسها بعدم الأمان باعتبارها “القوة الاستثنائية” المفترضة في العالم.
في عالم يواجه التهديدات الوجودية، يجب أن يكون التركيز على التعاون متعدد الأطراف والشراكة المتبادلة.
وتأتي قصة الفايروس التاجي غير المرئي الذي يتحرك بسرعة وسلاسة عبر الحدود، والذي جعل أنظمة الأمن العالمية التي تبلغ قيمتها تريليون دولار عقيمة وبحاجة شديدة للتعاون العالمي.
إن ترامب وسياسته المزعومة “أميركا أولاً” والغرور الأميركي أحادي القطب الذي كان موجودًا منذ عقود تتعرض للانهيار.
إن تخلي ترامب عن منظمة الصحة العالمية على أساس ادعاءات افتراء تتعلق بالصين يجسد تكرار النموذج الأميركي للسلطة العالمية.
إن الفشل الذريع للولايات المتحدة في احتواء جائحة Covid-19 ينبع ليس فقط من سياساتها الخارجية غير المتزنة ولكن أيضًا من إفلاس اقتصادها الرأسمالي وفشل البنية التحتية للصحة العامة على وجه الخصوص.
وكما قال عالم الأوبئة التطوري روب والاس “إن الأوبئة مرايا المجتمع تكشف حقيقته”.
ومع ارتفاع عدد القتلى بشكل غير عادي، في الولايات المتحدة وبريطانيا، أثبتت أن نظامهما الاجتماعي والاقتصادي بعيد عن الوضع الصحي.
إن النموذج الأنجلو أميركي للرأسمالية فشل وقد حققت أجزاء من أوروبا أداءً أفضل في التعامل مع الوباء بسبب الديمقراطية الاجتماعية الأوسع، ولكن لا يزال التمسك بالرأسمالية النيوليبرالية قد فعل الكثير لتفاقم الضرر الناجم عن الوباء في الاتحاد الأوروبي، كما تشهد إيطاليا وإسبانيا.
يبدو أن الصين وروسيا بشكل عام أظهرتا قدراً أكبر من الثبات والمرونة في إدارة الوباء، فعدد الضحايا أقل بكثير مقارنة بالدول الغربية على الرغم من انتشار العدوى.
جزء من هذا النجاح هو تدخل الدولة الأقوى وخدمات الصحة العامة، وهذا يعني أن الصين وروسيا وغيرهما من نماذج التقدم الاقتصادي يجب أن تحاكيها بقية دول العالم.
ولكن هناك شيء واحد يرجع الفضل فيه إلى رصيدهما الهائل في الدعوة المستمرة للتعددية والشراكة المتبادلة التي قدمها قادتهما على مدى سنوات عديدة.
يتناقض هذا الفكر والدعم وبشكل صارخ مع عقلية الحرب الباردة للولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين التابعين لها، التي تسعى إلى ترسيم العالم إلى مناطق نفوذ تحت هيمنة واشنطن ورأس المال الخاص الغربي.
هناك دلائل واضحة على أن النظام العالمي الذي كانت تسيطر عليه الولايات المتحدة في السابق هو في الواقع نظام من الفوضى حيث سادت العلاقات المدمرة والمفترسة والحروب التي لا نهاية لها.
لقد كشف انتشار وبائي فقط عن الاضطراب الاجتماعي للرأسمالية العالمية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة.
ونظرًا لأن خطر الأوبئة يبدو أنه يتزايد كل عقد، وفقًا لهذه الدراسة الدولية التي أجراها روب والاس وزملاؤه فقد حان الوقت لترتيب عالمي جديد ورؤية للتعاون بين الدول.
ويبدو من المناسب تمامًا أن هذا الوباء الحالي سوف يحول التوازن العالمي للقوة الاقتصادية من الغرب إلى الشرق بطريقة تسهل الانتقال إلى عالم أكثر قابلية للحياة.
المصدر Strategic Culture
