منظومة العدوان بأقطابها الأميركي والبريطاني والفرنسي والصهيوني والتركي وظفت كل إمكانياتها ولم تزل في دعم الإرهاب المنظم والممنهج لاستهداف الدولة السورية وشعبها الرافض لكل مشاريع الهيمنة الغربية، ومنظومات العدوان تلك تتلقى المزيد من الهزائم التي فرضتها معطيات الميدان من جهة، والثبات والصمود السوري من جهة ثانية، الأمر الذي دفع رعاة الإرهاب الدولي إلى الانخراط بالعدوان المباشر الذي تجلى بأشكال وعناوين مختلفة.
الإحراق المتعمد للمحاصيل الزراعية الإستراتيجية في منطقة الجزيرة وغيرها،هي حرب عدوانية من نوع جديد، تأتي مكملة للإرهاب الاقتصادي الذي يشتد حدة مع دخول ما يسمى “قانون قيصر” حيز التنفيذ، وهذا الإجراء العدواني لم يسبق للشرائع والمواثيق الدولية أن نصت عليه، وإنما يخضع لقانون شريعة الغاب الذي تحاول الولايات المتحدة تعميمه على العالم في سياق فوضاها الهدامة، ولأميركا وأتباعها الكثير من الغايات والأهداف الدنيئة من وراء إحراق القمح والشعير وغيرهما من المحاصيل الزراعية، ولعل إعطاء المعتوه ترامب أمراً مباشراً لقواته المحتلة كي تنفذ هذه الجريمة يعطي مدلولاً كافياً لحجم الاستهداف الأميركي للشعب السوري المقاوم.
سورية كانت تحقق على مدار السنوات والعقود الماضية الاكتفاء الذاتي لمحصول القمح، حتى إنها كانت تصدر الفائض منه، وحرمانها من هذا المحصول يأتي على رأس الأجندات العدوانية، لما يساهم فيه هذا المحصول من كسر أحد جوانب الحصار الخانق، ولا سيما أن مساحات الأراضي الزراعية الخاضعة لسلطة الدولة تزايدت بشكل كبير بعد عمليات تحريرها من الإرهاب على يد الجيش العربي السوري، الأمر الذي مكن الحكومة من مضاعفة حجم دعمها للفلاحين بعد عودتهم إلى حقولهم ورفع وتيرة إنتاجهم الزراعي بما يدعم عجلة الاقتصاد الوطني، وهذا بحد ذاته شكل هزيمة أخرى للمشروع الأميركي، فجاءت جريمة الحرائق المفتعلة أميركياً وتركياً للالتفاف على جهود الحكومة السورية أولاً، ولتجويع الأهالي ودفع أبنائهم للانضواء تحت راية ميليشيات “قسد” العميلة، أو ميليشيات المرتزقة التي تشكلها قوات الاحتلال الأميركي ثانياً.
العقوبات الأميركية والأوروبية الجائرة المترافقة مع جرائم السرقة الموصوفة لثروات السوريين، ليست جديدة، وإنما نسخة مكملة لفصول الإرهاب الأميركي والغربي، وقد سبق لسورية أن واجهتها على مدار العقود الماضية، ولم تجبرها يوماً على الخضوع لأساليب الضغط والابتزاز، ولم تجن من ورائها منظومة العدوان أي مكاسب سياسية، وبقدر ما تؤثر تلك العقوبات المتصاعدة على حياة السوريين، وتزيد من معاناتهم التي تفرضها مجريات الحرب الإرهابية التي يتعرضون لها، فإنها تعكس في الوقت ذاته حجم اليأس والإحباط الذي يصيب رعاة الإرهاب لفشل مخططاتهم ومشاريعهم العدوانية، وعجزهم عن كسر إرادة السوريين.
البقعة الساخنة – بقلم أمين التحرير ناصر منذر