ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير علي قاسم : في رحلة البحث عن الذرائع تتوه الكثير من المواقف ويغرق بعضها في التفريق بين الذريعة والحقيقة،وتتحول إلى التجوال بين أزقة النفاق بحثاً عن شماعات تعلّق عليها ما فشلت في تحقيقه، وتحاول أن تبرر ما يستحيل تبريره، بل غالباً ما تكون حجة عليهم وفي بعضها قرينة دامغة.
في الأردن.. قد يكون من المتاح أن نتفهم لبعض الوقت الحسابات الضيقة والجزئية التي تحكم مواقف الحكومة الأردنية، لكن من غير المسموح، ولا الممكن أن تأخذ التبريرات هذا السياق السطحي المزيف، حيث تصبح الحجة أقبح من الذنب ذاته.
إذ لا يمكن لعاقل أن يفهم الأحجية التي خرج بها رئيس وزراء الأردن في تبرير بقاء الباتريوت والطائرات الأميركية وجنود المارينز تحت حجة حماية مخيمات اللاجئين في الزعتري، في وقت كانت التسريبات الصحفية تتحدث عن تدبير لاختلاق ذريعة جديدة تبيح لأدوات العدوان التحرك سياسياً وإعلامياً. والحجة الأميركية كانت أقبح في تبرير تسليح الإرهابيين حين كانت على حدّ زعم كيري أنها من أجل حلّ سياسي، حيث من المستحيل أن يستوي البحث عن حلّ سياسي مع السعي المحموم للتسليح بهذا الشكل المريب.
أما الحجة الأقبح فقد جاءت من نعيق الغراب القطري، حين تحدث عن أن التسليح يهدف إلى إعادة التوازن، دون أن يخفي خيبته من المقاربة الأميركية، التي بدت وكأنها تعرج خارج الحسابات المباشرة التي بنت عليها المشيخة القطرية افتراضاتها، لتستمر في عهرها السياسي الذي تمارسه على مدى سنتين ونيف. لا نعتقد أن لدى أحد شكاً بمساحة الكذب التي تكتسح مواقف تلك الأطراف بدولها وأشخاصها، وهي في النهاية تعرية صارخة لكل ما يتم تداوله من افتراءات تجاوزت – في سقوفها – الواقع القائم، لكنها في نهاية المطاف تقود إلى الهاوية التي ما فتئت تترصد خطواتهم في كل الاتجاهات. نحن لا نصدّق الأميركيين ولا نثق بالقطريين، ولا نجد حسن نيات في خطوات ومواقف الأردنيين، فهل هم يثقون ببعضهم، ومن يريدوننا أن نصدّق.. أميركا التي أقرت ببقاء جنودها في الأردن؟! أم بنفي الحكومة الأردنية! وهل نثق بمبررات «النسور» حول أسباب وجود الباتريوت؟ أم بما تقوله دوائر صنع القرار في البيت الأبيض، وهل نقتنع بما يروّجه الأميركيون لمساعيهم، أم نأخذ بما يتفوه به القطريون أمام أسيادهم، وهل نستمع إلى ترهاتهم أم إلى أكاذيب مرتزقتهم؟!
لا نعتقد أن الإجابة مهمة، ونستطيع أن نجزم منذ اللحظة أن جميعهم يكذبون على بعضهم وعلى غيرهم، ويتكاذبون فيما بينهم، وليس فيهم من يَصْدُقُ مع الآخر، ودليلنا أن ما يقولونه في غياب الأميركي غير الذي يُحكى بحضوره، وما يقوله الأميركي بعيداً عن مجالسهم لا يتقاطع مع ما يسمعونه.
وحتى حين يحضرون أمام الإعلام تكون ملامحهم غير ما هي عليه خارج عدساته، وما يتفوهون به على المنابر يناقض ما يصرّحون به في المجالس، لأن حججهم ومبرراتهم باتت حجة عليهم، وذرائعهم قرينة ضدهم، ومنذ وقت طويل، لكنها اليوم تتفوق على كل ما اقترفوه، وفيها ما هو أقبح مما فعلوه؟!
a.ka667@yahoo.com