ثورة أون لاين – بقلم مدير التحرير أحمد حمادة:
كلّ هذا الفجور الأميركي في ممارسة العنصريّة والتّمييز العنصري ضدّ الملوّنين، وكلّ هذه الجرائم التي تمارسها الشّرطة وقوات الحرس والجيش الأميركي بحق هؤلاء المنتهكة حقوقهم في الولايات المتحدة، والموثّقة بالصّوت والصّورة والفيديو والوثيقة والرقم والمعلومة، ومجلس الأمن الدولي نائم وصامت كصمت أهل القبور، على عكس عاداته في الاستنفار والتّجييش حين كان الأمر يتعلّق بسورية وغيرها من الدول التي تحاصرها وتحاربها واشنطن.
كلّ هذه الممارسات الوحشية لإدارة ترامب بحق مواطنين أميركيين لمجرد أنهم من ذوي البشرة السّمراء، ومجلس حقوق الإنسان التابع لمنظّمة الأمم المتحدة لم يتحرّك، ولم يستنفر أعضاؤه لعقد جلسة عاجلة لمناقشة هذه المستجدات الخطيرة، ولم ينبس خبراؤه ببنت شفة عن حقوق الإنسان المهدورة هناك، كما كانت حالته وغيرته المزعومة على حقوق الإنسان حين كان الأمر يتعلّق بسورية.
إنّها المفارقة المثيرة للاستهجان والاستغراب معاً، المفارقة التي تجعل مجالس أمميّة تعتبر (حقوق الإنسان) أو (الأمن والسلم الدوليين) من صلب عملها لكنّها تصاب بالعمى والعجز لأن القصة تمسّ أميركا، وهي المفارقة نفسها التي تجعلها تستنفر لعقد الاجتماعات وإصدار البيانات والتقارير لإدانة دول معيّنة، كما حدث مرّات عديدة في بياناتها وقراراتها حول سورية وتقاريرها الكاذبة المزعومة عن مسرحيّات الكيماوي وحقوق الإنسان.
فها هي اليوم الأمم المتحدة تصمت بكل أجهزتها لأن الأمر يتعلّق بالبلطجة الأميركيّة، فلا مجلس الأمن يتحرّك ولا مجلس حقوق الإنسان يعلّق بحرف واحد، ولا جمعية الأمم المتحدة “المنظمة الدولية” تتداعى بسرعة البرق لعقد جلسة طارئة لإدانة الجرائم المروّعة بحقّ الصحفيين والمراسلين والملوّنين والمتظاهرين.
لم يستنفر جهاز واحد من هذه الأجهزة للتحقيق في جرائم القتل العنصريّة وانتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها إدارة دونالد ترامب بحقّ مواطنيها، ولم يخرج مسؤول أممي واحد ليقول لترامب كفّ عن معاملة مواطنيك وكأنّهم من الدرجة الخامسة لأنهم من ذوي البشرة السّمراء.
لم نرها تشكّل اللجان الدولية لإصدار توصيات تدين شرطيّاً أو جنديّاً أو تجرم مسؤولاً أميركياًّ، وتدعو إلى معاقبة من يرتكب الجرائم ضدّ الإنسانية وجرائم الحرب الموصوفة التي تنقلها محطّات التلفزة على الهواء مباشرة، والتي لا تحتاج إلى أدلّة دامغة لأن أدلّتها واضحة وضوح الشّمس في عزّ الظهيرة.
إنها المفارقة السّاخرة، والمريرة، والمثيرة للاستنكار والاستهجان معاً، أن تتداعى أجهزة الأمم المتحدة للانعقاد وإصدار القرارات الملزمة والبيانات النارية حين يتعلّق الأمر بسورية أو غيرها من الدّول التي تحاصرها أميركا، ويتمّ تزييف الحقائق وقلبها في تلك البيانات والقرارات، وبالمقابل تصمت هذه الأجهزة عن كل هذه الجرائم وممارسة العنصريّة في أميركا.