ثورة أون لاين – أدمون الشدايدة:
العنصرية في أميركا وما أظهرته مؤخراً من وحشية منقطعة النظير، تعيد إلى الذاكرة الكم الهائل من الممارسات العنصرية في مختلف جوانب الحياة وأركانها، بحيث أصبحت رمزاً من رموز الولايات المتحدة على مرِّ السنين، وعنوانها الأساسي في التعاطي مع أي شأن سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي، ومع تقدم الزمن رتبت لذلك المفهوم اللا إنساني بكل جوانبه وأركانه محاور متعددة تتفاخر بها أميركا وتنتهجها ضمن آليات عملها في الخارج كما هو الحال في داخلها.
اليوم بعد أن فضحت تلك العنصرية مزاعم واشنطن بالحرية والإنسانية تنتقل لأن تصبح على ما يبدو عنواناً للحملات الانتخابية الرئاسية على مبدأ الربح والخسارة وسباق الوصول نحو البيت الأبيض، بحيث أخذ مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن على عاتقه الاتجار القذر بضحايا العنصرية الأميركية كورقة رخيصة في حملته الانتخابية.
وعلى الرغم من أنها مجرد دعاية انتخابية يخوض بها بايدن غمار الانتخابات الرئاسية إلا أنها في الوقت نفسه تفضح وتؤكد حقيقة العنصرية المستشرية، وقد قالها بايدن بلسانه بأن التمييز العنصري المنهجي، موجود في كل مكان في الولايات المتحدة، وليس فقط في هيئات الحفاظ على القانون، والعنصرية موجودة بدون أي شك.
وما يكمل الأدوار العنصرية والإرهابية هو ما يأتي على لسان الرئيس الحالي دونالد ترامب وأتباعه من سياسيين وقادة عسكريين من تهديد ووعيد للمحتجين المنتفضين ضد عنصرية البيت الأبيض، مروراً بالشد على أيادي الشرطة الأميركية في قمع الاحتجاجات المطالبة برفض العنصرية والتصفيق لهم، وليس انتهاءً بما يدعو إليه وزير العدل وليام بار، الذي قال إن السلطات تعتزم اعتقال عدد من الأشخاص بتهمة ما سماها تنظيم أعمال شغب خلال الاحتجاجات في الأسابيع الأخيرة في الولايات المتحدة.
تلك العنصرية أيضاً كانت في صلب الاهتمام الإعلامي للصحف العالمية التي أكدت العنصرية الأميركية، حيث قالت “صحيفة الاندبندنت” البريطانية إن الاحتجاجات التي تشهدها الولايات المتحدة ليست ردة فعل على مقتل شخص وإنما بسبب القوانين العنصرية الممنهجة الموجودة في أميركا، وتساءلت فيما إذا كانت هذه الاحتجاجات ستجبر صناع القرار والمنظومة السياسية في أميركا على إجراء تغيرات جذرية وتبني تغيير حقيقي يعطي الحقوق لأصحابها ويضمن تساوي الأميركيين.
المتابع لما يجري في واشنطن من احتجاجات شعبية تجتاح الشوارع والمدن تنديداً ورفضاً لنظام التمييز العنصري، والتي انتقلت إلى عدد كبير من الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا تؤكد على النظم الاستبدادية السائدة في تلك الدول المتشدقة بالحرية، وترصد إضافات لسلوكيات قادتها العدائية وفكرهم العنصري في التعاطي مع كافة القضايا الإنسانية..