أن تعود الحياة من جديد إلى مؤسساتنا ومراكزنا الثقافية قرار يثلج الصدر ويدفع بنا إلى الشعور بأن عاصفة قوية مرت من هنا ولكنها لم تستطع أن ترخي بثقلها على بنية مجتمعاتنا، فمنذ اليوم الأول لإصدار القرار باستئناف العمل بدأت الأنشطة تتوزع على المراكز وعادت للمهرجانات جماهيرها، وليس آخرها مهرجان درعا الذي نشهد فعالياته هذه الأيام.
وهنا نستطيع أن نؤكد تلك المقولة التي كرسها “طاغور” بأن فكر الإنسان لا يقاس فقط بقدر ما لديه من ثقافة ،بل أيضاً بما لديه من روح، هذه الروح التي تعيد صياغة الحياة من جديد ،وحسب المعطيات والتغيرات مع الاحتفاظ بالطبع بما تراكم في ذاكرتنا من قيم وعادات وثقافات شكلت على مدى عصور حضارتنا التي تمتد في عمقها لآلاف من السنين.
ولكن لا يمكن أن نتجاهل اليوم الواقع الذي بات يشكل عبئاً على أفراد المجتمع” من غلاء الأسعار، وفقدان الأدوية، وجشع التجار واحتكارهم، ما شكل مأزقاً حقيقياً في حياتنا، ويدفعنا للسؤال: ما دور المثقف في ظل هذه التغيرات، وهل حقاً وحده المسؤول عن إعادة بناء المجتمع على أسس سليمة ومعايير عادلة، أم أن الواقع يحتاج إلى تضافر جهود أفراد المجتمع كافة على اختلاف مواقعهم ومسؤولياتهم؟.
وبالطبع لا يمكن تجاهل دور المثقف والمفكر في بناء وتطوير الوعي المجتمعي للحدّ من تبعات ذاك الضيف الثقيل” كورونا” والاستفادة ما أمكن من تجارب الشعوب في تجاوز أزماتها ،والعمل على استقطاب الفئات الشابة لأنها تشكل الكنز الثمين الذي يحمل في عقله وسواعده طاقات كبيرة تستطيع أن تصنع فرقاً هاماً في المجتمع.
وكما يقولون مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، لتكن خطواتنا مدروسة باتجاه نشر الوعي المسؤول وثقافة العمل من أجل بناء مجتمع تقوم دعائمه على أسس الخير والعطاء والمحبة، ومحاربة الفاسدين من التجار والطامعين بقوت الشعب ولقمة عيشه، والمنابر الثقافية لاتزال تلعب دورها في بناء الوعي والارتقاء بالفكر وتحصين المجتمع بتكريس القيم النبيلة التي لطالما ساهمت في تشكيل خط الدفاع عن مجتمعاتنا وكانت سلاحنا الأمضى في زمن الأزمات والحروب.
فاتن أحمد دعبول – رؤية