ثورة أون لاين – رشا سلوم:
الشعر ماء اللغة، ورونقها البهي الخضل، فلولا الشعر لكانت اللغة يباباً كما الحطب الذي جف نسغه، من هنا يكون الشعراء هم صنّاع اللغة الحقيقية ومفجرو جذوتها التي كلما انطفأت أوقدوها بما يسكبونه من ماء الروح وعمق النفس لتخرج القصيدة بهية.
من الشاعرات السوريات اللواتي تركن بصمة في المشهد الشعري الشاعرة سهير زغبور بما قدمته من خلال ثلاث مجموعات شعرية بهية نقية.. طقوس الحب أولها واليوم تكمل مشروعها بمجموعتها الثالثة تسكنني السماء، التي صدرت عن دار الغانم بطرطوس..
في جديدها هذا تتجاوز زغبور الكثير مما كانت عليه تجربتها الشعرية السابقة..
لقد ازدادت كثافة الجملة الشعرية وحملت دلالات أكثر ثراء وعمقاً نفسياً..
من العنوان الذي اختارته وهو أحد عتبات المجموعة.. تسكنني السماء.. إيحاء يفتح المدى على كل عمق أزرق من السماء إلى البحر..
النجوم والليل وبهاء المعنى.. ماذا يعني أن تسكنك السماء.. أليس هذا دلالة على بعد الغور والقدرة على أن تكون بنفسك كوناً انطوى فيك الكون الأكبر…؟
تقول زغبور: يا سفر الأزرق في عيني.. يا لون تلك المدينة كأول قصة للخلق صففت أحلامي.. ما بللتني الريح وأنا أمشط شعري شعث الغيم.. ما طوقتني النار وأنا أفك قيد الشمس..إني.. لسلالة العطر.. نسبت المدى وتفيأت ظلي.. النجوم عند اكتمالي في قصيدة.. حيث تسكنني السماء..
بأكثر من عشرين نصاً محلقاً في سماوات اللغة تسكن السماء بوح سهير المتدفق لغة.. تقول في وصية شهيد.. هنالك انتظريني تحت ظل السنديان .. انتظريني يا حبيبتي .. لن يتأخر الصبح .. لملمي عنه الندى وخبئيه لخديك.. الرند مكتمل تمشطي بالغار .. تيهي بالأبيض المسجور كالحلم حين الأكف السمر تحملني..
ياصوت أمي.. يا صوت أمي.. يا فنجان قهوتها يا شالها البني يا دمعاً تداريه..
تكمل زغبور عمق المفردات التي تندي عطر الشعر ليكون المشهد أكثر اتساعاً فاللحظة المدهشة شعراً تحملنا معها إلى عمق النفس .. ومن عناوين المجموعة نشير إلى رصيف الذاكرة.. قالت له العرافة .. من غرب الأقحوان .. سجلت عنواني .. آخر غابات الحبق .. أحبك أكثر ومنه نقتطف:
في كل يوم أحبك أكثر وأشتاق أكثر.. ألوم الصبح إذا ما تأخر.. فوجهك سحر مع الفجر يحضر.. وقلبي يذوب كقطعة سكر…