لن نرى -كما البعض- بعين واحدة، ولن نكيل بمكيالين، لكننا سنسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية لا المصلحة، لاسيما المتعلقة منها بملف مكافحة تهريب البضائع والمعدات والتجهيزات والمواد، وصولاً إلى معجون وفرشاة الأسنان الموجودة في معاملنا ومصانعنا ومحلاتنا ومتاجرنا ودكاكيننا وصيدلياتنا ومشافينا…
أما السؤال الأهم الذي يحاول الكثيرون الاختباء خلف أصابعهم في محاولة منهم للهروب من الإجابة عليه، أو حتى مجرد الحديث عنه، ألا وهو.. لمصلحة ولحساب من تتم عمليات التهريب؟ أوليس هنالك شركاء حقيقيون للمهربين يقومون بمساعدتهم على تصريف كامل الكميات المهربة للصناعيين والتجار؟.. أوليس هنالك عمليات تهريب تتم بناء على اتفاق وعقود وصفقات مشبوهة ومسبقة بين المهرب وبعض أصحاب المنشآت الصناعية والتجارية.. الذين يحرمون مجتمعين خزينة الدولة من حقوقها ورسومها الجمركية التي نص عليها القانون؟ أوليس هناك من يفضل البضاعة الأجنبية المهربة خلسة “على اختلافها” على حساب المنتج الوطني؟ أوليس كل ما يقوم به المهربون من عمليات لصوصية، وكل ما يعملون على إدخاله من منتجات ومواد وسلع صناعية وغذائية وميكانيكية ودوائية وغيرها، هي لمستهلكهم “الخاص جداً”؟.
نعم التهريب موجود باعتراف المديرية العامة للجمارك، لكن الشيء المخفي وغير الظاهر للعيان والعلن هي أسواق التهريب التي لا وجود لها جغرافياً إلا في مخيلة وتصريحات ونداءات البعض الاعتباطية الذين يناشدونك في الصباح بمنع دوريات الجمارك من الدخول إلى المحال والمستودعات التجارية والمنشآت الصناعية.. ويطالبونك في المساء بمحاربة آفة التهريب من جذوره حتى نهاية أطرافه، وضرب المهربين.
ملف مكافحة التهريب واستئصاله يتصدر سلم اهتمامات وأولويات الدولة، لكن نجاح هذه العملية لا الحملة كما يسميها البعض تحتاج إلى شركاء حقيقيين داعمين للاقتصاد الوطني، والصناعة الوطنية، والليرة السورية ولسعر الصرف.. تحتاج إلى مبادرات لا مناورات لرفض ومقاطعة والإبلاغ عن كل ما هو غير قانوني.. مبادرات صادقة لا خلبية.. دائمة لا لحظية.. حقيقية لا وهمية.. عندها سنتمكن من القضاء على كل أحلام وأوهام المهربين في خلق اقتصاد أو سوق موازٍ، أو بإيجاد الشريك القادر على تصريف مهرباته المضرة اقتصادياً وصناعياً وأمنياً وغذائياً وصحياً.. أو أسواق وأقبية مظلمة لإخفاء وتكديس بضائعهم.
الكنز – عامر ياغي