التهريب والتخريب وجهان لعملة واحدة، فظاهرة التهريب من أخطر الآفات التي تواجهها الدول والمجتمعات في العصر الحديث، نظراً لما لها من آثار سلبية مدمرة على اقتصاد البلدان ولاسيما اقتصاديات الدول الفقيرة، حيث يضيّع على خزينة الدولة مليارات الليرات كعوائد وإيرادات تذهب لجيوب حفنة من المنتفعين والمخربين لاقتصاد بلدهم.
خطورة التهريب تكمن بوصفه أيضاً طارداً للاستثمار، وأداة هدامة لمقدرات البلد وتدمير صناعتها المحلية نتيجة للمنافسة غير المتكافئة جراء دخول السلع الأجنبية بدون دفع رسوم جمركية، ما يحفز الإقبال عليها من المستهلك نتيجة رخص ثمنها والإحجام عن شراء المنتجات المحلية كما هو واقع الحال في أسواقنا، حيث تغزوها الأقمشة والبضائع والألبسة التركية وغيرها، إضافة لوجود منتجات ومواد منتهية الصلاحية ومجهولة المصدر والمنشأ، كاللحوم والأسماك المجمدة والمواد الكهربائية الرديئة والجوالات والدخان ومواد التجميل والتنظيف وأغذية الأطفال، وهي لم تخضع لمعايير وفحوصات الجودة والمقاييس ما يعرض المستهلك للعديد من المخاطر الصحية والاقتصادية التي تشكل معالجتها عبئاً على الأسرة والدولة.
بالمقابل فإن تهريب السلع الإستراتيجية، كالقمح والطحين والسكر والأموال والذهب والثروة الحيوانية إلى دول الجوار، يؤدي إلى إضعاف الاقتصاد الوطني، والمتاجرة بلقمة عيش المواطنين، والمساهمة بسياسة الحصار الخانق الذي تمارسه قوى الشر على سورية في مثل هذه الظروف، لأن تهريب مثل هذه السلع الأساسية يؤثر تأثيراً مباشراً في الأحوال المعيشية للمواطنين باعتبار الكثير من تلك السلع مدعومة من الدولة.
للتهريب آثار ضارة ليس فقط على اقتصاد الدولة وحسب وإنما على القيم الأخلاقية للمجتمع، حيث يعمق نشاط التهريب سياسة الكسب غير المشروع فهو مصدر للثراء السريع للكثير من الأشخاص، وله بريقه الخاص الذي يقع فريسته البعض من ضعاف النفوس بهدف جني الأرباح الطائلة، لذلك يتوجب سنّ القوانين الرادعة وتجريم نشاط التهريب وقمعه، وإنزال عقوبات صارمة بحق مرتكبيه واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لمكافحته واستئصال جذوره ومسبباته، وإعادة النظر بالرسوم على السلع مع ضرورة تحديد رسم جمركي معتدل، وضبط المعابر و المنافذ والطرق غير الشرعية التي تدخل منها البضائع، وعدم غض النظر عن التهريب بحجة وذريعة أن ظروف البلد تستلزم ذلك، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحجيم الفارق الكبير بالأسعار بين السلع في خارج البلد وداخله.
رغم خطورة التهريب وتفاقم المشكلة فالعقوبات ضد عصابات التهريب وشركائهم لاترقى إلى مستوى الضرر الجسيم الذي يسببه والخسائر الفادحة التي يلحقها باقتصاد الوطن وبصحة وسلامة المواطن.
أروقة محلية – بسام زيود