بريتون وودز.. الاتفاقية التي فرضت الحصار الأميركي على العالم

ثورة أون لاين- زينب العيسى:

“يجب أن نلعب اللعبة كما صنعناها، ويجب أن يلعبوها كما وضعناها” بهذه الكلمات بدأ ريتشارد ميلهاوس نيكسون، الرئيس الأمريكي السابع والثلاثون لعبة هيمنة الدولار، لتتمكن أميركا من فرض هيمنتها على العالم، وبهذه الكلمات تحوّل العالم إلى متاهة حصار لا نهاية لها من الدولار، وأصبح العالم بأسره رهينة الاقتصاد الأميركي، ومن غير المسموح لأي دولة الاعتراض أو إعلان رفض النظام النقدي الجديد الذي سمي بريتون وودز، لأن مجرد الاعتراض يعني كل ما خزّنته هذه الدول من مليارات الدولارات في بنوكها سيصبح ورقاً بلا قيمة وهي نتيجة كارثية.
كيف بدأت هيمنة الدولار؟ بعد الحرب العالمية الثانية بادرت الحكومة الأميركية إلى دعوة 44 دولة للاجتماع في حزيران عام 1944 بمدينة بريتون وودز في ولاية نيو هامبشير للاتفاق على نظام نقدي دولي جديد، بغية تأمين الاستقرار والنمو الاقتصادي العالمي.
وتوجّهت أنظار العالم نحوه أملاً في أن يوفر هذا النظام الجديد حرية التجارة ويمدّ الدول الأعضاء بالسيولة الكافية، ويضمن عدم فرض القيود والعوائق في وجه المعاملات الدولية.
وكانت الكارثة في تلك الاتفاقية حين جعلت الدولار هو المعيار النقدي الدولي لكل عملات العالم، وقد تعهّدت أميركا بموجب تلك الاتفاقية وأمام دول العالم بأنها تمتلك غطاءً من الذهب يوازي ما تطرحه من دولارات، وقد تضمن نصّ الاتفاقية أن من يسلّم أمريكا 35 دولاراً تسلّمه أمريكا أوقية من الذهب.
ومن جهة أخرى فقد هدفت اتفاقية بريتون وودز إلى إيجاد نوع من الثبات في السياسات النقدية وأسعار الصرف بين دول العالم عبر وضع البنية التحتية لتنقل رؤوس الأموال بين الدول كأساس لتسهيل التجارة العالميّة.
وبالعودة للتسلسل الزمني فقد خرجت حينها وبعدها المؤسسات الدولية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والأمم المتحدة والاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية والتجارة “غات” لتدعم التوجه العام السياسي والاقتصادي للاتفاقية.
وبالنسبة للاتحاد السوفييتي فقد شارك في أعمال المؤتمر ومناقشاته، إلا أنّه لم ينضمّ إلى عضوية صندوق النقد الدولي لأنّه رأى فيه هيمنة واضحة للاقتصاد الأميركي على النظام المقترح.
وهنا كانت قد بدأت تتكشف في مؤتمر بريتون وودز، هيمنة الولايات المتحدة وسيطرتها على أعماله، إذ اعتمد المؤتمر في مقرراته اعتماداً أساسياً “خطة هوايت” التي تعكس وجهة النظر والمصلحة الأمريكيتين واستبعد “مشروع كينز” الذي يمثل مصلحة بريطانية.
والجدير بالذكر أنّ نظام ثبات أسعار صرف العملات اعتبر حجر الزاوية في مؤتمر بريتون وودز، إذ يقوم هذا النظام النقدي الجديد على أساس “قاعدة الصرف بالدولار الذهبي” وعلى أساس “مقياس التبادل الذهبي”، وبذلك تحول الدولار الأمريكي من عملة محلية إلى عملة احتياط دولية.
وكان العمل بهذا النظام سارياً حتى 15 آب 1971 عندما أعلن الرئيس الأميركي نيكسون وقف قابلية تبديل الدولار إلى ذهب وهو أهم أركان نظام بريتون وودز.
بدأ هذا النظام أي بريتون وودز يتزعزع مع تزايد القوة الاقتصادية والسياسية لأوروبا الغربية واليابان على المسرح الدولي من جهة، ودور البلدان الاشتراكية والنامية من جهة ثانية، حيث برزت معطيات جديدة تتعارض مع ثبات أسعار صرف العملات الذي يقوم عليه نظام بريتون وودز، كما تتعارض مع الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي المتمثلة في سيطرة عملتها المحلية على النظام النقدي الدولي.
وفي محاولة لإنقاذ هذا النظام فإن اتفاقية بريتون وودز خضعت للتعديل مرتين، إلا أنّ آلية ثبات سعر صرف العملات ألغيت تماماً من الناحية العملية، وبدأت مرحلة جديدة هي مرحلة “التعويم” التي تعني ترك سعر صرف العملة يتحدد بحرية وفق آلية العرض والطلب في الأسواق.
فمثلاً إذا ذهبت إلى البنك المركزي الأمريكي بإمكانك استبدال 35 دولاراً بأونصة من الذهب، والولايات المتحدة الأمريكية تضمن لك ذلك، وحينها صار الدولار يُسمّى عملة صعبة واكتسب ثقة دولية، وذلك لاطمئنان الدول لوجود تغطية له من الذهب.
فقامت الدول بجمع أكبر قدر من الدولارات في خزائنها على أمل تحويل قيمتها إلى الذهب في أي وقت، واستمر الوضع على هذا الحال زمناً، حتى خرج الرئيس نيكسون في السبعينات على العالم فجأة في مشهد لا يتصوره أحد حتى في أفلام الخيال العلمي ليصدم كل سكان الكرة الأرضية جميعاً بأن الولايات المتحدة لن تسلّم حاملي الدولار ما يقابله من ذهب.
وليكتشف العالم أن الولايات المتحدة كانت تطبع الدولارات بعيدًا عن وجود غطاء من الذهب وأنها اشترت ثروات الشعوب وامتلكت ثروات العالم بحفنة أوراق خضراء لا غطاء ذهبيا لها.
أي إن الدولارات ببساطة عبارة عن أوراق تطبعها الماكينات الأمريكية ثم تحدد قيمة الورقة بالرقم الذي ستكتبه عليها فهي 10 أو 100 أو 500 دولار، بينما الثلاث ورقات هي نفس القيمة والخامة ونفس الوهم، فقط اختلف الرقم المطبوع.

وأعلن نيكسون حينها أن الدولار سيُعوَّمُ، أي ينزل في السوق تحت المضاربة، وسعر صرفه سيحدده العرض والطلب بدعوى أن الدولار قوي بسمعة أمريكا واقتصادها ،وكأن هذه القوة الاقتصادية ليست قوة مستمدة من تلك الخدعة الكبرى التي استغفل بها العالم!! ولا يزال هذا النظام قائماً حتى اليوم، أميركا تطبع ما تشاء من الورق وتشتري به بضائع جميع الشعوب.

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة