ثورة أون لاين – ريم صالح:
يخطئ من يتوهم أن أطماع الكيان العنصري الصهيوني قد تقف عند حد، فليست الأراضي الفلسطينية وحدها ما يشغل عقليته العدوانية، ليست القدس المحتلة، وليست الضفة الغربية فقط، وكذلك ليس الجولان العربي السوري المحتل، وإنما قد تمتد أطماعه التوسعيه الاحتلالية، وهو الذي يعمل وفق سياسة صعود السلم التقسيمي والضمي والتهويدي درجة درجة، قد تطال أطماعه في المرحلة المقبلة بعد الضفة الغربية وغور الأردن، مزارع شبعا، وتلال كفر شوبا اللبنانية، وربما سيناء أيضاً، والحبل التوسعي الاستيطاني على الجرار، طالما أن نظام الإرهاب الأمريكي هو من يشرعن للمحتل الصهيوني كل سياساته الاستعمارية السابقة، والحالية، واللاحقة، بل ويبادر ليكون السباق إلى مباركتها، وشرعنتها بقوانين وقرارات باطلة، دون أن ننسى الموقف الأممي الذي يكتفي بعبارات لا تتجاوز الإدانة والشجب في أعلى تقدير، وشعارات خلبية لا تغني ولاتسمن من جوع.
الصهيوني هو محتل، ووجوده على أرض فلسطين غير شرعي، لذلك يكذب، ويداور ويناور، يظن أن كلامه قد ينطلي على الفلسطينيين والشعوب الحرة والأنظمة المقاومة، مع أن أكاذيبه هذه لايمكن أن تتقبلها عقول حتى المجانين، وهو شخصياً وفي قرارة نفسه يوقن تماماً بأنه لن يصدقه أحد، حتى هو لايمكن أن يثق بنفسه ويصدق ما يتفوه به من ادعاءات.
“صفقة القرن” هي ما يريدها قرصان الشر الأمريكي إذن، ويسعى لتمريرها هو وأنظمته الأعرابية المنبطحة، وذلك طبعاً لصالح بؤرته الإرهابية التي زرعها في المنطقة “إسرائيل”، وهذا الكلام لايختلف عليه اثنان، ولكن أن يقول رئيس وزراء العدو الصهيوني بأن ضم الضفة الغربية لن يسيء إلى السلام، بل يدفع به قدماً، وبأن على الفلسطينيين قبول رؤية ترامب والجلوس والتفاوض بحسن نية لإيجاد حل واقعي لدولتين يكون لكيانه الغاصب وحده المسؤولية الكاملة عن أمنهما، فهذا لا معنى له على الإطلاق، إلا أن هذا الكيان الصهيوني يريد ابتلاع الأراضي الفلسطينية برمتها، وإن كان عبر سياسة لقمة لقمة، ومنطقة منطقة.
هل يعي نتنياهو ما ذكره حقاً؟!، فكيف يستقيم إحلال السلام والأمان مع وجود الاحتلال، وتمدده على الأرض الفلسطينية، وترهيبه للفلسطينيين، وحصارهم والتنكيل بهم والزج بهم في غياهب السجون؟!، وعلى ماذا التفاوض إذاً لطالما كانت كل بنود “صفقة القرن” قد وضعت ورسمت وفرضت مسبقاً على الخرائط الأمريكية والأعرابية، وبانتظار اليد العدوانية الإسرائيلية لتنفذها وتترجمها على الأرض؟!.
ما يريده العدو الصهيوني هو كل الأرض الفلسطينية من جنوبها إلى شمالها، ومن شرقها إلى غربها، ولن يكون هناك أي مكان للفلسطينيين في الخريطة الإسرائيلية المفروضة بمباركة أمريكية، وكل ما يثار حالياً ويدور في الكواليس والأروقة السياسية والدبلوماسية لا يعدو عن كونه ضحكاً على اللحى، واضح الأهداف ومكشوف الغايات والوسائل.
المضحك هنا أن نتنياهو يتحدث عما سماه حسن النية، وبأن كيانه المحتل يملك ما سماه “الحق القانوني والتاريخي والأخلاقي” في فرض سيادته على الضفة الغربية، ويبقى السؤال متى كان هناك حسن نية من قبل المحتل الصهيوني، أو ليست قنابل فوسفوره الأبيض بحق الفلسطينيين العزل، ومذابح صبرا وشاتيلا، ودير ياسين، وقبية، وقلقيلية، وكفار عتصيون، وكفر قاسم، و مصفى حيفا، و ناصر الدين، ومذبحة الأقصى الثانية والثالثة، أو ليست أبلغ مثالاً على سوء نيته، وفظاعة إجرامه، وهو الذي لم يرحم حتى الرضع والأطفال من همجيته العدوانية؟!، ثم عن أي حق يثرثر هذا الإرهابي، ومتى كان يحق لمن لا يملك أن يفرض على أملاك غيره مشيئته العدوانية والاستيطانية؟!.
فلسطين كانت وستبقى دولة عربية، والاحتلال الإسرائيلي إلى زوال، رغم بلطجة الأمريكي المتخم غباء وفوضوية، ورغم تدليس البعض الأعرابي، وركوبه لموجة الأذلاء والمنصاعين، فلسطين باقية طالما فيها شعب أبي لا يعرف الانكسار، وطالما أنها ليست وحيدة في معركتها ضد قوى الاستكبار العالمي، فمعها وإلى جانبها كل أنظمة المقاومة في المنطقة، وسورية لن تتخلى عنها وستبقى قضيتها كما كانت على الدوام حتى تحريرها كاملة، هي قضية السوريين المركزية، والأيام وحدها ستشهد على أن قرني الإرهاب الأمريكي والصهيوني وصفاقتهما وصفقاتهما لن يصمدا في وجه مشيئة الشعوب المقاومة