لم تعد مفاجأة صرخات وعبارات الناس المستنجدة التي تبثها بشكل شبه يومي استطلاعات الرأي المتلفزة أو حتى مشاهداتنا اليومية وحالنا كمستهلكين عن ضرورة التدخل السريع للحد قدر المستطاع من تسونامي ارتفاع الأسعار لمختلف المواد والسلع، ويرتبط ذلك دائماً مع مطالب بالحزم الفوري مع المتلاعبين بمعيشة الناس التي وصلت لمراحل خطيرة من التراجع بات معها أغلب المواطنين عاجزين عن تأمين كفايتهم.
وما أصبح لافتاً أيضاً أن الأسرة السورية التي نسيت فعلاً مواد ومنتجات مثل اللحوم وتأقلم أغلبية الناس مع سلوكيات استهلاكية جديدة لم يكن أشد المتشائمين يحلم بالوصول إليها باتت تقف أمام تحديات أخرى تتعلق بالنظافة الشخصية كما عبرت إحدى السيدات التي وقفت مصدومة أمام الارتفاع الجنوني لأسعار المنظفات من صابون وسائل جلي وغسيل الملابس والشامبوهات وغيرها ناهيك طبعاً عن بند الملابس الذي أصبح يدرج ضمن بند الكماليات غير الضرورية بهذه المرحلة ومع كل مشاهد الأسواق التي تكاد تكون فارغة من زبائنها ولاسيما سوق الملابس والأحذية يصر أصحاب المحال في تحد واضح ووقح على عدم التنازل عن ليرة واحدة من هوامش ربحهم الكبيرة جداً.
ومع كل ما تقدم وما يصل لمسامع أصحاب القرار بأن سياسة شد الأحزمة التي تنفذ بأعلى مستوياتها من المواطن تستمر الاجتماعات واللقاءات بين المسؤولين وقطاع الأعمال باختلاف تصنيفاته التي وإن حملت وضوحاً ونفساً جديداً وتوجهات وقرارات جديدة بالتعاطي كما روج للقاء الأخير بين الطرفين إلا أنها لا تقدم أو تؤخر شيئاً بالنسبة للمواطن الذي انتظر طويلاً وترجمته الحرفية لأصحاب القرار أنه إذا لم يلمس الناس تنفيذاً سريعاً ومباشراً لما تم الاتفاق عليه دون ذكر لما سمي مبادرات لها صدى سلبي في أذهان المواطن لاستهتارها ونفاق بعض مطلقيها، بل عمل فعلي يتطلب من الجميع مسؤولية عالية بالتعاطي تلغي حالات الاستغلال والطمع والجشع والمتاجرة في لقمة الناس التي تجلت طوال سنوات الحرب التي فرضت على سورية بأبشع صورها وخاصة بالفترة الأخيرة من قبل قطاع الأعمال ليزيل كم السواد الذي تراكم في صورته في ذهن المواطن وبالمقابل المتابعة والمحاسبة اليومية من قبل أصحاب القرار لمجريات تنفيذ جملة القرارات المعلنة كون أيضاً مصداقيتهم على المحك.
لذلك فإن ملعب الجميع حالياً هي الأسواق سواء سوق المواد والسلع التي يفترض تخفيضها بالتوازي مع وجود وتدخل قوي لمؤسسات الدولة عبر العمل على تذليل عقبات وجود مواد ومنتجات منشآتها في يد المستهلك ليكون دورها فاعلاً أو حتى سوق الصرف التي بدوره يفترض تخفيضه وتثبيت سعره قدر المستطاع لأطول فترة لأنه يضمن استمرار الانخفاض في سوق المواد.
الكنز – هناء ديب