لماذا يعمل كيان العدو الإسرائيلي على التنقيب عن النفط في البلوكات المتنازع عليها مع لبنان في هذا التوقيت بالذات؟
والجواب هو: ان (اسرائيل) تريد أن تختبر إذا كانت المقاومة اللبنانية جادة فعلاً في تهديداتها بأن أي عدوان على لبنان في البر أو البحر أو على ثرواته سيواجه برد حاسم، من المؤكد أنه سيتطور إلى مواجهة شاملة ليس في مقدور الكيان الصهيوني تحمله هذه المرة بعد ان طورت المقاومة قدراتها القتالية التي تؤهلها لنقل المعارك إلى داخل الأراضي المحتلة .. فهل تسعى (اسرائيل) لحرب يجمع قادتها كما جميع المراقبين أنها قد تؤدي إلى نهايتها ؟.
والجواب أيضاً: لا
إذاً ماذا تريد ؟
قد تعتقد (اسرائيل) أن المقاومة إذا أنهكت في المواجهات الداخلية التي تقترب من الحرب الأهلية لن تكون قادرة على الحرب وأنها فرصة لن تسنح لها مرة أخرى للانقضاض عليها، طبعاً بغطاء أميركي عسكري ولوجستي و بمؤازرة عربانية جاهزة، وأكثر من ذلك بتأييد لبناني داخلي يأخذ أشكالاً عدة، ومنها محاصرة المواطن معيشياً وصل إلى الرغيف .
إن إسرائيل تدرك أن القانون بكل قواعده نصاً واتفاقيات دولية يمنعها من نيل مرادها، كما لم يمنعها في السابق من ممارسة سياستها العدوانية، ولذلك فهي تلوح بمنطق القوة الذي هو في الأصل أساس نشأتها، ولكن إعمال هذا المنطق ضد لبنان بعد العام 2006 بات بالوجدان الإسرائيلي العملي والتجريبي متعذر بسبب معادلة الردع الاستراتيجي، لذلك فهي أمام خيارين، فإما أن تخضع لقواعد القانون وتتخلى عن أطماعها، أو أن تزيل عقبة حزب الله لتعود وتستند إلى منطق القوة وتغتصب ما تريد.
إن حسم النزاع على حدود المنطقة الاقتصادية من جانب واحد هو عمل غير مقبول، وبالتالي ليس أمام لبنان من أجل حماية حقوقه إلا أن يلجأ إلى الأمم المتحدة وهيئاتها.
لكن التجربة علمت المقاومة أن اللجوء إلى ذلك عقيم ولا يقدم بل يؤخر، ولهذا وبكل وضوح أنذر قائد المقاومة إسرائيل بالرد على أي عدوان رداً مناسباً وسيكون مفتوحاً في حال تمادي العدو في عدوانه، وإسرائيل تعرف أن المقاومة لا تهدد استعراضياً، وأنها قادرة ليس فقط على المواجهة وإنما ايضاً على الحسم والانتصار، ولكنها ما زالت تظن أن سياسة الضغوط القصوى والحصار الخانق ومحاولات الفتنة مع احتمالات الحرب الأهلية الشاملة في لبنان يوفر لإسرائيل فرصة العمل من جانب واحد، و ستراقب ردة الفعل في الميدان من قبل الجيش اللبناني وحزب الله، فإذا لمست الجدية اللبنانية في اللجوء إلى القوة فإنها وجدت أن المخرج الذي يجنبها المواجهة الموجعة التي قد تتطور إلى حرب لا قبل لها بها، فحركت وسيدتها أميركا أدواتهما في الداخل ، كما مارست أميركا أقسى الضغوطات على الشعب اللبناني الذي يعيش أسوأ حالات التردي والانهيار والفوضى، من الممكن أن توصله إلى حرب أهلية أو طائفية تنهك حزب الله، وهذا ما يتجنبه الحزب ويعمل جاهداً لعدم الانزلاق فيه.
باختصار .. إنّها الحرب بثوب الاقتصاد .. وفي مواجهة هذه الحرب لا مجال لأي مساومة أو تردد، فإما الصمود والمقاومة والبحث عن توفير إمكانيات الصمود وكسر الحصار وإحباط أهداف الحرب الاقتصادية، أو الرضوخ والاستسلام.. وعودة لبنان إلى الزمن الصهيوني الذي ساد في فترة ماضية، عندما كانت نظرية قوة لبنان في ضعفه هي السائدة.
وإن غداً لناظره قريب.
معاً على الطريق – د. عبد الحميد دشتي