العالم يمر بمرحلة حساسة ودقيقة، بفعل الجنوح الأميركي نحو التصعيد على مختلف الاتجاهات، حيث سياسات المتطرفين الجدد في إدارة الإرهاب الأميركية تضع الاستقرار والأمن العالميين على شفير الهاوية، وتقود للمزيد من الانقسامات الدولية، ويبدو أن الأشهر القليلة المتبقية لعمر الإدارة الأميركية الحالية ستحمل الكثير من الصدامات والمواجهات، تفرضها نزعة ترامب الجنونية لمحاولة إخضاع العالم لقوانينه الخاصة الخارجة عن كل حدود العقل والمنطق، وما نشاهده اليوم من عمليات اختطاف للهيئات والمنظمات الأممية وتحويلها إلى منصات عدوان ضد الدول الأخرى الرافضة لسياسات الهيمنة الأميركية، فضلاً عن الانسحاب من كل الاتفاقات والالتزامات الدولية، يشير بشكل واضح إلى النيات الأميركية لجهة تهديد السلام العالمي، ولعل تحذير وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من ارتفاع خطر اندلاع مواجهة نووية في العالم بفعل النهج الأميركي الرامي لاستعادة الهيمنة والتفرد يعزز تلك الهواجس.
القرارات العدائية ضد سورية، والمشاريع العدوانية التي تحضرها الولايات المتحدة عبر المنصات الأممية المختطفة مثال صارخ لعقلية الإجرام المستحكمة داخل البيت الأبيض، حيث الاستغلال الأميركي والغربي للمنظمات الإنسانية بهدف مواصلة استهداف الدولة السورية يبدو واضحاً من خلال التشبث بصيغة إدخال المساعدات الإنسانية المزعومة عبر ممرات غير شرعية، ومن دون التنسيق مع الحكومة السورية، وما يعني ذلك من أن تلك المساعدات لن تصل بالمطلق إلى مستحقيها وإنما للتنظيمات الإرهابية لتقوية شوكتها وترميم صفوفها، ليأتي التهديد الأميركي لروسيا والصين على لسان سيء السمعة والصيت بومبيو الذي حرض الغرب على فرض عقوبات عليهما لاستخدامهما حق النقض “الفيتو” ليشير إلى نية إدارته بتوسيع رقعة المواجهة لتطول دول كبرى حليفة لسورية وتقف إلى جانبها في محاربة الإرهاب، ولا سيما أن كلا الدولتين تواجهان يومياً سيلاً من الاستفزازات الأميركية العدائية ومحاولة تشويه صورتهما على الساحة الدولية، حتى إنه سبق للبنتاغون أن عدهما خطراً وجودياً على الأمن الأميركي حسب ادعائه.
منظمة حظر الأسلحة الكيميائية مثال آخر للبلطجة الأميركية والغربية، تستخدمها الولايات المتحدة كذراع للعدوان، حيث إن القرار الذي اعتمدته بشأن الاستخدام المزعوم للسلاح الكيميائي في منطقة اللطامنة بحماة في آذار عام 2017 هو مشروع عدائي بامتياز، تعمد تشويه الحقائق وتزييفها، – وسبق للعالم أن شهد فضيحة التسريبات التي كشفت أن تلك المنظمة تعمدت تحريف الوقائع بشأن استخدام “الكيميائي” المزعوم في دوما-، حتى أن ما يسمى “فريق التحقيق وتحديد الهوية” الذي أنشأته واشنطن وحلفاؤها بشكل غير شرعي ومخالف لميثاق وأحكام المنظمة، بنى كل استنتاجاته على جملة فبركات قدمها إرهابيو “النصرة” و”الخوذ البيضاء”، ومجرد اعتماد هذا القرار أثار المزيد من الانقسامات بين الدول الأعضاء داخل المنظمة، ما يعني أن كل ما ورد من استنتاجات مشكوك فيها، وهدفها واضح (إعطاء ثالوث الإرهاب الأميركي والبريطاني والفرنسي ذريعة واهية لإمكانية شن عدوان جديد، وأيضاً لتحريض الإرهابيين لشن استفزازات كيميائية جديدة)، وهذا مؤشر لما قد ترتكبه منظومة العدوان من حماقات جديدة تفتح الأبواب نحو احتمالات تصعيد خطير ربما يشعل المنطقة بأسرها.
أميركا كانت وما زالت الخطر الأكبر على العالم، وخطورتها تتزايد اليوم مع إدراكها قرب أفول هيمنتها الأحادية. وإدارة ترامب المهووسة بحكم العالم وإخضاعه لقوانينها ستصارع من أجل الحفاظ على هيمنتها وتفردها، ولكن من رحم الصمود والانتصار السوري، ومن صلب إرادة الشعوب الحرة في العالم سيتولد نظام دولي جديد، تسوده الحرية والعدالة، ولن يكون للغطرسة الأميركية أي وجود فيه.
نبض الحدث – بقلم أمين التحرير ناصر منذر