ثورة أون لاين:
تعد القاعة الأثرية في كاتدرائية الأربعين شهيداً في حي بستان الديوان وسط حمص من أبرز المعالم الأثرية في هذه المدينة التي تزخر بأوابد أثرية شاهدة على الحضارات المتعاقبة في سورية.
ويعود بناء القاعة بحسب كلام المحامي مرهف شهله مدير المدارس الغسانية في حمص والمسؤول عن القاعة لعام 1890 وشيدت بجوار كاتدرائية الأربعين شهيداً وبنيت على أنقاض الكنيسة العظيمة القديمة أقدم الكنائس الموجودة في حمص ويعود تاريخ الأخيرة للقرن الرابع الميلادي حيث قامت القديسة “هيلانة” والدة الامبراطور الروماني قسطنطين آنذاك ببناء عدد من الكنائس والأديرة ومنها الكاتدرائية التي هدمت بسبب الزلزال المدمر الذي ضرب المدينة في عام 1159 للميلاد ثم أعاد أهل المدينة بناء الكنيسة على أنقاضها.
وأضاف شهله أن القاعة بنيت بطراز معماري فريد ذي طابع أصيل لما تتضمنه من عناصر جمالية فنية بمساحة تقريبية تمتد على 160 متراً مربعاً حيث صقل سقفها من العقود الحجرية المتصالبة بشكل منتظم وجدرانها من الحجر البازلتي الأسود الذي يميز مدينة حمص وكان رمزاً مقدساً فقد ارتبطت عبادته بإله الشمس مرسل هذه الحجارة وفق ما كانوا يعتقدون.
وعن الأهمية التاريخية والأثرية للقاعة تحدث شهله أن وجود القاعة داخل أسوار حمص القديمة في بستان الديوان جعل لها طابعاً أثرياً مميزاً لقربها من أهم الأديرة القديمة ومنها دير القديس اليان الحمصي وكنيسة أم الزنار ودير الإباء اليسوعيين وعدد من المساجد القديمة كمسجد النوري الكبير وقصر عبد الحميد الزهراوي والسوق المسقوف القديم والمدارس الغسانية الأرثوذكسية العريقة فضلاً عن أهميتها الاجتماعية لأهالي الحي حيث كانت ولا تزال تستقبلهم في أفراحهم وأتراحهم.
وفتحت القاعة أبوابها على مصراعيها ولسنوات طويلة للمعارض الفنية والندوات الثقافية والعلمية والأمسيات الشعرية والملتقيات الأدبية والعديد من الأعمال المسرحية الفنية تمثيلاً وغناء وموسيقا إضافة إلى احتضانها عشرات الأنشطة التربوية ومنها مسرح أطفال المدارس الغسانية.
ونوه شهله إلى أنه خلال سنوات الحرب حافظت القاعة على دورها الثقافي والاجتماعي وازداد هذا الدور بعد تحرير المدينة عام 2014 وتمت إعادة ترميمها وتجهيزها لتفتح أبوابها بعد عام لاستقبال أيام الحميدية الثقافية التي أقامتها مطرانية الروم الأرثوذكس بحمص والتي تنوعت بين المسرح والحفلات الفنية والمحاضرات الثقافية والعروض السينمائية.
من جهته وصف المطران جاورجيوس أبو زخم مطران حمص وتوابعها للروم الأرثوذكس القاعة بالأيقونة الثقافية والفكرية المنيرة لافتاً إلى أن أهميتها تبرز من خلال مجاورتها لمطرانية الروم الأرثوذكس والتي كانت دائماً الشعلة المضيئة وطنياً وروحياً واجتماعياً وثقافياً وتعليمياً من خلال مؤسساتها العديدة والتي كان لها الدور الأساسي في نهضة مدينة حمص.
بدوره أوضح أميل فرحة نقيب الفنانين التشكيليين بحمص أن القاعة احتضنت المعارض الفنية وهي تضفي على الأعمال الفنية لمسة جمالية إضافية تجمع ما بين الماضي والحاضر وتعطي لهذه الأعمال دفئاً يعود بذاكرتنا وأحاسيسنا إلى روائع ما قدمه أجدادنا من إبداع في الطراز المعماري العريق.