الفوضى العالمية الحاصلة بفعل السياسات الأميركية تهيمن على مشهد الأحداث الدولية الراهنة، وثمة المزيد من التشابكات السياسية بطريقها إلى الجنوح نحو التصادم العسكري، هذا ما تسعى إليه إدارة ترامب اليوم، الصين وروسيا وإيران وكوريا الديمقراطية وفنزويلا وغيرها الكثير من الدول تعد لاحتمالات المواجهة، ومحور المقاومة في المنطقة هو في مرمى التصعيد والاستفزاز الأميركي، الأشهر الأربعة القادمة التي تفصل العالم عن الانتخابات الرئاسية الأميركية ستكون حاسمة، نظراً لسعي ترامب المستميت للفور بولاية رئاسية ثانية، وإثارة النزاعات الدولية يعتبرها أوراقاً انتخابية قبل كل شيء، حتى إنه قال سابقا بأنه على استعداد لجر أميركا نفسها إلى حرب أهلية، بحال عزله من منصب الرئاسة، وبهذه العقلية المتغطرسة فإنه على العالم أن يتوقع الأسوأ.
الدفع باتجاه إشعال الحروب، سمة ملازمة للسياسة الأميركية، هذا يهدد السلم والأمن الدوليين، ولكن ليس بالضرورة أن يفيد مصالح الولايات المتحدة، وغالباً ما تكون هذه السياسة ناتجة عن عجز وإفلاس لأميركا وشركائها وأدواتها على حد سواء، وهذا الأمر تؤكده المعطيات الميدانية والسياسية، والتي تتجلى بصورة أوضح خلال الحرب الإرهابية التي تتعرض لها سورية إلى جانب المحور المقاوم، والتصعيد الصهيوني ضد لبنان يعطي صورة واضحة لحالة التخبط والرعب لدى أصحاب الرؤوس الحامية في منظومة العدوان الأميركية، لعدم معرفتهم الكافية بقدرات محور المقاومة، وهذا ما عكسته حالة القلق والاستنفار الدائم للعدو الصهيوني، وما صاحبها من اختلاق روايات وهمية أثناء العدوان المدفعي الذي استهدف عدة مناطق في جنوب لبنان أمس.
كل ما تقترفه أميركا من جرائم إرهابية وسياسية واقتصادية على الساحة الدولية تخضع لقانون شريعة الغاب التي يحكمها، وأيضاً لاعتبارات انتخابية صرفة، “صفقة القرن” وإعلان ترامب بما يخص الجولان السوري المحتل مثال واضح، حتى العربدة الأميركية تجاه طائرة الركاب الإيرانية، لا تخرج عن سياق التصعيد لهدف انتخابي، وهو مخطط لها بعناية، واتضح ذلك بعد الكشف عن أن الهدف كان خداع الدفاعات الجوية السورية، ولكن هذه الخدعة لم تنطل عليها، لتؤكد هذه البلطجة مجدداً مدى الاستهتار الأميركي بحياة المدنيين، وبكل القوانين الدولية، فقط لاستدراج الآخرين إلى حروب عبثية تخدم المصلحة الأميركية والصهيونية في آن معاً.
” أميركا أولا” هو الشعار الذي اخترعه ترامب كمرتكز لسياساته الخارجية والداخلية، وتحت لافتة هذا الشعار يدوس على كل القيم الإنسانية والأخلاقية، ويدمر كل المؤسسات الدولية التي لا تخضع لقوانينه الخاصة، وينتهك كل الاتفاقيات الدولية التي وجدت للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وهذا يؤكد أن إدارة الإرهاب الأميركي تعيش أزمة حقيقية على خلفية هواجسها من فقدان هيمنتها العالمية، مع بزوغ ملامح نظام دولي جديد متعدد الأقطاب، والدفع باتجاه الفوضى الهدامة تعتبره وسيلة لتكريس نفوذها وتدخلاتها السافرة في كل مكان، ولكن النتائج تأتي في أغلب الأحيان مخالفة لأجنداتها المرسومة، حيث معادلات الردع حاضرة دائماً لدى كل الدول المستهدفة بالإرهاب الأميركي.
نبض الحدث- بقلم أمين التحرير ناصر منذر