في توطين الافكار والسياسات ؟

ثورة أون لاين: لا تكتسب الأفكار والبرامج والسياسات التي يطرحها القادة والأحزاب أهميتها من مصادرهافقط وانما من فاعليتها وقدرتها على تحريض الجمهور الذي تستهدفه والارتقاء بمستوى وعيه واستجابته الفعالة والفاعلة مع مضامينها اضافة الى ما تمتلكه تلك الأفكار من قدرة على تشكيل تيار شعبي واسع يتفاعل معها ويتبناها سلوكا وممارسة ووعيا وإنجازا ، ولا شك ان افضل الأفكارهي تلك التي تمتلك إمكانية عالية المستوى على التطبيق بحيث تتحول الى كائنات حية يلمسها ويعيشها الجميع وتساهم بشكل خلاق في أحداث تغيير حقيقي في المجتمع ، واذا كان ثمة أفكار جيدة لا تجد مرتسمالها على صعيد الواقع فالمشكلة ليست في تلك الأفكار وانما في عدم قدرة الممارس على وعيها واستيعاب مضامينها وجوهرها من هنا تأتي اهمية ان تدفع الأحزاب والقوى السياسية الى الواجهة الكفاءات والكوادر القادرة على التعاطي الفعال مع الأفكار المطروحة في اطار عملية التجديد التي تستلزمها طبيعة الحياة السياسية والاجتماعية في سيرورتها التاريخية وما تواجهه من تحديات وحاجة لاستجابة واعية لمتطلباتها .
ان التغيير في الأدوات في اطار التعاطي مع الأفكار الجديدة والبيئات السياسية المرتبطة بتغيير الحوض السياسي والمناخ الديمقراطي مسألة بالغة الأهمية لانه لا يمكن التعامل مع أفكار جديدة بأدوات قديمة والقديم المقصود به هنا هو العقلية والذهنية وطرائق التفكير وليس الحالة العمرية او التقدم بالسن مع التأكيد على اهمية ومحورية دور الشباب في اية عملية تطوير او تغيير بنيوي في المجالين السياسي والفكري والمجتمعي سيما حال حصول انسداد في العمل الحزبي او جفاف في الحوض السياسي او نمطية قاتلة في الأداء العام .
ان نجاح القوى السياسية والأحزاب بشكل عام في توطين الافكار الجديدة المطروحة وتحويلها الى ثقافة مجتمعية مسألة بالغة الأهمية وهذا لا يتحقق الأمن خلال فعالية سياسية وحراك حزبي وجماهيري فعال يحول يتحول فيه منتسبو الحزب وفي مقدمتهم كوادره النوعية الى فاعلين سياسيين واجتماعيين في بيئاتهم وحيثما تواجدوا وهذا يحتاج الى برامج ثقافية وسياسية وأدوات فاعلة وفعالة على كل المستويات وتصبح هذه المساألة اكثر اهمية في الظروف الاستثنائية التي تمر بها المجتمعات سواء كان ذلك بفعل داخلي او خارجي يستهدفها بنية ومنظومة وكيانا وهوية .
ان الظرف الاستثنائي الذي تمر به سورية الدولة والمجتمع والهوية السياسية والحضارية يستوجب تحريض المخزون الحضاري والثقافي للشعب العربي السوري بكل أطيافه وانتماءاته التي تضرب عمقا في التاريخ لان احد اهم أهداف العدوان والحرب الكونية القذرة التي تشن على سورية يكمن في ضرب الفكرة السورية التي تشكل النموذج في العيش والتفاعل والتكامل والتناغم بين أطياف الشعب السوري وهي التي تشكلت انصهرت تاريخيا لتشكل ما يمكننا تسميتهابالنموذج السوري الذي هو في جوهره تجسيد واختصار ونمذجة لفكرة العروبة بأبعادها وفضائها القومي الواسع والممتد .
ان محاولات ضرب وتفتيت الفكرة الوطنية وتدمير العقد الاجتماعي الوطني ليست مسألة جديدة بل انها ترافقت مع محاولات ضرب التيارات القومية وإخراجها من ساحة التداول السياسي والفكري والأيديولوجي وهي فكرة مركزية وهدف ثابت لتيارات رجعية وظلامية ارتبطت موضوعيا مع قوى خارجية وتحالفت معها ولاتزال على مدى عدة عقود من هنا تأتي اهمية تشكيل كتلة تاريخية على المستوى القومي العربي ترتكز الى فكرة المصلحة التي تربط بين مكونات الامة العربية وما تتضمنه من ثقافات وقوميات وأعراق ما يستدعي خطابا سياسيا وثقافيا وإعلاميا ودينيا يقوم على فكرة التسامح التي هي أصلا في صميم مفهوم القومية العربية على مر تاريخها العريق .
ان الدين الإسلامي بأبعاده الروحية والثقافية الحضارية كان دائماً في صميم الفكرة الحضارية العربية فمن خلاله انتشرت العربية كشعاع الشمس على مساحة المعمورة فالعلاقة بين العروبة والإسلام علاقة الروح بالجسد ولم تصطدم فكرة العروبة بالإسلام الا في اطار محاولات بعض الأحزاب والتيارات المتطرفة توظيف الاسلام سياسيا او كما يقال تسييس الدين وتديين السياسة وهو ما قدم خدمة مجانية لكل القوى التي استهدفت الاسلام والعروبة على مر التاريخ ولا سيما خلال القرن الماضي وبدايات القرن الحالي ولعل ما تشهده بعض الساحات العربية والإسلامية من استهداف في الوقت الحاضر هو المثال الحي على ذلك .
ان الهوية القومية والوطنية شيء والانتماءات ما تحت الوطنية شيء آخر فالانتماءات اللاإرادية لا تصطدم مع الهوية الوطنية او تشكل حالة قلق لها لا بل انها على العكس من ذلك تعطيها غنى وتنوعا وإثراء انها أشبه ما تكون بالروافد التي تصب في نهر واحد.
ان فكرة العروبة بمضمونها ومجالها الثقافي والجغرافي لا زالت هي الحل ولعل استهداف الدولة الوطنية العربية حاضرا يبرز اهمية وضرورة قيام الكيانات القومية العابرة للحدود القائمة على قاعدة المصلحة والضرورة والحفاظ على الآمنين الوطني والقومي وهذا يستوجب تشكيل حراك سياسي وشعبي وحزبي على مستوى الساحة العربية يجعل من الحديث عن ربيع عربي حقيقي واقعا لا خداعا وتضليلا .

د. خلف المفتاح

آخر الأخبار
بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة تفقد معبر العريضة بعد تعرضه لعدوان إسرائيلي الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث جامعة “اللاهوت المسيحي والدراسات الدينية والفلسفية” مرسوم بتحديد الـ 21 من كانون الأول القادم موعداً لإجراء انتخابات تشريعية لمقعد شاغر في دائرة دمشق الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي