ثورة أون لاين- فاتن عادله:
عسكرة أميركا لأوروبا بشكل موسع، أو إعادة تموضع قواتها بشكل آخر وأكثر نفوذاً، هو ما يمكن أن نطلقه على ما تحاول أميركا فعله في القارة العجوز التي لا تستطيع الاستغناء عن خدمات الأميركي بل تتشبث به.
هذا التشبث الأوروبي دفع إدارة ترامب التي تسيطر على “الناتو” نحو استثمار ذلك عبر إطلاق حملة من التهديدات بسحب الجنود باتجاه مناطق ودول أخرى، بدت فيها لغة المال الترامبية هي التي تقود تلك العملية ضد حلفائها الأوروبيين، خاصة وأن ترامب وضع نقاط المال على حروف البقاء بدون تجميل سياسي عبر مطالبته بالمزيد من المال لقاء بقاء تلك القوات، متهماً دول بعينها كألمانيا من التهرب في دفع مستحقاتها المالية المتوجبة.
ومع تهديدات ترامب هذه التي تندرج في محاولة أميركا ضرب عدة أهداف بحجة ومزاعم وجود تهديد روسي لأوروبا، حيث تحاول استعادة هيبتها الدولية المفقودة على الساحة، إضافة لتمديد أذرعها العسكرية وتجذير قواعدها العسكرية، وكذلك الإبقاء على الناتو كي تعزز عدوانيتها العسكرية الإرهابية أمام المتغيرات الدولية الاستراتيجية وغيرها من أهداف أميركية عسكرية بعيدة المدى منها ما هو معروف ومنها لاتزال خيوطه تظهر بشكل تتابعي، وما إلى هناك من انتخابات وغيرها.
ومع هذه التهديدات التي تطلقها أميركا ضد ألمانيا التي تشكل عضواً مهماً في الحلف الأميركي الأطلسي وتسعى لتنفيذها، فإن سحب القوات من ألمانيا سيبدأ خلال الأسابيع القريبة القادمة، وفق ما أكد وزير الحرب الأميركي مارك إسبر الذي أعلن عن خطة لإعادة نشر جزء من القوات الأميركية في أوروبا، معتبرا أن ذلك سيعزز قدرات الناتو وسيساعد على عملية الردع “ردع روسيا”، على حد تعبيره.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي لإسبر أوضح فيه أنه سيتم سحب قرابة 12 ألف عسكري أميركي من ألمانيا لتقليص تعداد القوات الأميركية فيها من 36 إلى 24 ألف عسكري، وستتم إعادة نشرها في دول أخرى بحلف الناتو، وخاصة في إيطاليا وبلجيكا، مبيناً أن 5600 عسكري سيتم نشرهم في دول أخرى في الناتو، و6400 سيعودون إلى الولايات المتحدة.
وقال إسبر إنه ستتم إعادة تمركز بعض القوات الأميركية في منطقة البحر الأسود وفي أوروبا الشرقية بشكل دوري، بهدف “ردع روسيا” وحماية الحلفاء وفقاً لمزاعمه، مشيرا إلى أنه قد يتم نشر بعض القوات في بولندا ودول البلطيق.
هذا التكتيك الأميركي تحت حجج وذرائع كان موضع حديث قائد القوات الأميركية في أوروبا تود وولترز بعد أن أكد نقل مقر القوات الأميركية في أوروبا من مدينة شتوتغارت الألمانية إلى مونس البلجيكية.